
بيت البكا….بالالمانى…………….!
فى صباح بعيد من أحد أيام السبت ( اجازة طبعا ) كنت وزوجى نحتسي شاى الصباح ..وكان الوقت لا يزال باكرا…عندما سمعنا بابنا يدق وبشدة ( لا جرس ولا يحزنون..) ذهب زوجى يفتح الباب ..فرأيت سيدة اربعينية يبدو الانزعاج على وجهها …قالت ( امى يا دكتور …وجدتها مغمى عليها ) كانت تشير إلى بيت جارتنا( بالسياج ) يعنى يفصل بيننا سياج ما حيطة…وانزعجت جدا لانى اعرف ( هلقا ريشتر) جدا …فقد كانت طيلة العام المنصرم مريضتى التى اذهب لها لاعطيها حقنة…كان طبيبها يعرفنا فنصحها إلا تتعب بالحضور للعيادة ثلاث مرات أسبوعيا …قال لها أن جارتها_ التى هى انا _ يمكن أن تعطيها الحقنة..
كانت بيننا مودة بسيطة…سلام وسؤال وحديث عن الجو…ولكن أصبحنا نتحدث أكثر عندما آتيها للحقنة…وأحيانا أحمل لها معى حساء العدس أو سلطة الروب فقد كانت تحبهما جدا…حدثتنى أن لها ولدا يعمل بهيئة البريد وبنت متزوجة تقطن فى حينا ولكنها لا تاتيها كثيرا فخمنت من حديثها انها لا تحب زوج ابنتها لذلك نشأت جفوة بينهما …غير أن حفيدتها ..ابنة البنت..والتى كانت تدرس فى غرب ألمانيا هى المفضلة لدى الجدة لأنها كانت تاتيها دائما فى الإجازات وتقضى كل الوقت معها تخدمها وتعتنى بها….
ذهبت مع زوجى مسرعين فرايناها ..كانت واقعة على الأرض…وكانت فى كامل زينتها وكأنها كانت تستعد للخروج… وفحصها زوجى ..وكانت للأسف قد فارقت الحياة…واستولى على حزن شديد …فجلست أبكى…كانت ابنتها صامتة لا تبدى اى حزن ….وانا لا أكف عن البكاء فرأيت زوجى ينظر الىّ ولسان حاله يقول ( ناس البكا استغفروا …والجيران كفروا )
رن جرس الهاتف فرد زوجى..كانت على الطرف الآخر امرأة قالت بصوت مرح(هل يمكن أن أتحدث إلى هلقا؟ ) فانبأها زوجى انها توفيت …فقالت بذات اللهجة المرحة ( اوه…آسفة..فقد كنت انتظرها لنحتسي القهوة سويا..!! ) تعجبت من هذا البرود وتخيلتها لو كانت سودانية..إذا لكان قد اغمى عليها . هى الأخرى….
ثم اتصل زوجى بابن ( المرحومة) فقال ( آسف …انا الان اعمل …سوف آتى بعد العمل…!!) وجاءت الشرطة ( لأن الوفاة حصلت بالمنزل) وعدت مع زوجى وانا فى غاية الألم…
بعد يومين وصلنا كارت ( دعوة لحضور الدفن…) ويقول( ندعوكم فى يوم ….الساعة…..بمقابر….لحضور دفن السيدة هلقا…بعد الصلاة عليها فى الكنيسة …وندعوكم لتناول طعام الغداء فى المطعم المجاور للمقابر…) وسقطت سهوا عبارة ( العاقبة عندكم فى الموت !!…)