راي

شاهيناز القرشي تكتب …دعوة للانفصال عن السودان والانضمام لمصر _ بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

دعوة للانفصال عن السودان والانضمام لمصر

شاهيناز القرشي
هنالك مقترح للانفصال في تسجيل صوتي علي واتساب نسب الى عدة اشخاص ولم يحدد قائله حتى الآن ويقول المتحدث إنها فكرة طرحت لقروب أصحاب العمل السوداني تقول الفكرة :إنشاء دولة وادي النيل هذه الدولة تتكون من جمهورية مصر العربية والولاية الشمالية، ولاية نهر النيل وولاية كسلا، القضارف، الولاية الشرقية، ولاية سنار، ولاية النيل الأبيض، ولاية الجزيرة، ولاية الخرطوم، وأورد أن أسبابهم لذلك وجود أربعة وثمانين حركة تطالب بالانفصال في دارفور وكذلك جنوب كردفان والنيل الأزرق تطالب بالانفصال، وقال هذا سبب كافي للانفصال واختار الانضمام لمصر بسبب سهولة الحصول على الجواز السوداني، واعتبر أنّ نظام الداخلية المصري قادر على ضبط هذه الفوضى، وعاد نفس المتحدث في تناقض مضحك ليقول نظام الجوازات المصري سيبحث جيدًا عن أصول كل المطالبين بالجواز السوداني قبل أن يمنحهم إياه ونسى أنه لغى السودان، وفي كارثة مفاهيمية أخرى قال إذا قمنا بهذا الإجراء لن يزيد عدد سكاننا عن الخمسة عشرة مليون مواطن ونسى أنه انضم لمصر التي يتجاوز عدد سكانها المئة وعشرين مليون، واصل هذه الرجل ليقول بمواردنا الكبيرة سننضم لمصر لتحمينا بجيشها القوي ومصر تحتاجنا ونحن نحتاجها وأتى على ذكر الروابط القبلية التي تربط بعض القبائل السودانية بقبائل موجودة في جنوب مصر كسبب للانضمام لمصر، والعجب العجاب في طريقة الانضمام وتنفيذ المقترح يا سادة، حيث لن يكون هنالك رئيس ولا وزراء ولكن لجنة من خمسة أشخاص تتكون من ذلك القروب وتسلم خطاب للصحف المصرية ويعقد قروب أصحاب العمل السوداني لقاءت جماهيرية تروج للفكرة وبعدها ستقبل بهم الحكومة المصرية وعندها سيرتاح من الاساءات لدولة الجلابة.

لنناقش أفكار المتحدث
في حديثه المضطرب وأفكاره السطحية كان اسم الدولة وادي النيل ولم نعلم هل هو انضمام لدولة مصر باسمها أم إنّ هذه دولة جديدة وستغير مصر اسمها لتتوحدوا كدولة أم ستكون دولتكم تحت التاج المصري ويعود الباب العالي ليحكم الولايات التي قدمت الخطاب؟.

لم يفكر المتحدث في بناء جيش قوي قادر على ضبط دولته ولكن فكر أن يحمل لمصر كل هذه الموارد لتقبل به مواطن انضم اليها بلجنة، ولم يفكر ماذا ستقدم مصر لهذه الأرض وهذا المواطن؟ مصر التي تعاني اقتصادياً بسبب بناء عاصمة لم تكتمل بعد، وخدماتها التي تقدمها للمواطن في الأقاليم المصرية تكاد أن تنعدم، ويعاني الريف المصري من غياب ما يحلم به متحدث قروب أصحاب العمل، مصر في وقت قريب عومت عملتها لتحصل على قرض تدعم به موازنتها ويظن المتحدث انه سيمنح مصر أرض لتعمرها وينعم هو بالخدمات، ونسى أو هو لا يعلم مُنظر دولة وادي النيل لا يعلم أن عائد موارد هذه الأرض التي حملها مهر انضمام لمصر ستدخل للخزانة المركزية المصرية وتعتبر جزء من موارد الدولة وستوزع على الوطن الكبير دولة وادي النيل ككل بمصرها ونيلها وبحرها وواديها ولن يكون له الا نصيب مثله مثل اي اقليم اخر، السؤال الأهم هل لمصر جيش قادر على الانتشار في كل هذه الحدود وتأمينها ؟ والدخول مع الأقاليم السودانية الأخرى في حروب إذا دعت الضرورة؟ بالله عليك هل تظن ان هنالك جندي مصري واحد سيموت مقاتلاً الدعم السريع؟ اذاً عليك مراجعة الاتفاقية البريطانية المصرية والتي تمت في 1936 عندما كان السودانيين ينادون بالاستقلال والانضمام لمصر وقعت مصر معاهدة لتستلم حكم السودان بالنيابة عن الانجليز في طعنة نجلاء لكل السودان الذي كان يقاتل من اجل حق تقرير المصير ويعتبر مصر شريك وداعم (واقترح عليك كتاب جدلية التركيب للأستاذ النور حمد) لتفهم ما الذي حدث.

وفي الإشارة التي أوردتها عن القبائل المشتركة أنت تعلم أن المصريين عموما ينظرون للسودانيين بنظرة عنصرية دونية، وأنا لا ابرئ السودانيين فهم أيضا لديهم نظرة عنصرية دونيه تجاه المصريين، وللحق لدينا هذه النظرة تجاه كل شعوب الأرض بيضها وسودها، إذاً أنت سترحل لمصر حامل معكم أفكارك المجتمعية وستصدم بأفكارهم المحلية وستظلم بمواردك ولونك وعدم وجود شعور حقيقي بالوحدة ولربما تحمل السلاح لتنفصل عن دولة انضممت اليها بلجنة قروب أصحاب العمل.

كيف نحل مشاكل السودان

هنالك عدة أنظمة للحكم مثل النظام الفيدرالي ولدينا نموذج مشابه له في السودان الحالي حيث نظام الحكم لامركزي، النظام الفيدرالي يمنح كل ولاية حق استقلال مواردها وأن تحكم من أبناءها وتكون علاقتها مع المركز علاقة تنظيمية تحكمها سياسات الدولة، يحتاج النموذج في السودان لبعض التعديل لتكون للولايات استقلالية مناسبة ويتطبق النظام الفيدرالي بدلاً عن اللامركزي.

في هذه الحالة ستنتفي حجة التهميش التي أنتجت الحركات وستجعل كل اهل ولاية يوظفون مواردهم لصالحهم مع مساهمة معلومة في الخزينة المركزية لإدارة مؤسسات الدولة الفيدرالية. وهذا النموذج لا يصلح لفكرة قروب أصحاب العمل فمصر ليست دولة فدرالية ،وهنالك نظام اخر يعرف بالكونفدراليه يسمح بانضمام دول مستقلة لبعضها ولكن حينها أنت من ستحمي حدودك ولربما يقدم لك الجيش المصري بعض الغطاء الجوي ولكن أنت من سيقاتل بلجنتك الخماسية.
كيف نعمر السودان

أولاً بإخراج الجيش من المؤسسات الاقتصادية بشكل كامل وتسلميها لوزارة المالية التي ستتعامل مع الموارد كمصادر دخل للبلد بشكل عام، وستقسم هذه الموارد بشكل منطقي على كل الخدمات بما فيها الجيش، بدلا من حمل الموارد وتقديمها لمصر يمكنك أن تأتي بأضخم شركات العالم لتستثمر هذه الموارد وتقدم لك خدمات للمنطقة وتدريب وتأهيل وتعليم للإنسان وتظل محتفظ باستقلاليتك وكرامتك ، يمكنك أن تضبط جوازك وحدودك ومواردك بالتخلص من الفساد فمن حمل الجواز السوداني حمله نتيجة أنه دفع رشوة لمسؤول في مكان ما، بدلاً عن التكيّف مع المصريين والذين هم أيضا أجانب بالنسبة لنا كسودانيين مثلهم مثل أهل مالي والنيجر وتشاد فلنتصالح مع اختلافنا ونتقبل الآخر ونتخلص من نظرتنا العنصرية تجاه الآخر ،فلمصر نظرة عنصرية تجاهك اذاً تخلص من عُنصريتك بدلاً عن مكافحة العنصرية ضدك لتنفي عن نفسك مهنة البواب .

لماذا ناقشت هذه الأفكار الساذجة
حقيقة هذا الاحاديث التي تفتقر لأبسط مقومات التخصصية ،بل حتى لا تصدر من اشخاص مثقفين او مطلعين انتشرت بشكل كبير في الآونة الأخيرة ،وتجد لها رواد يظنون أن كل حديث وافق مزاجهم المتعكر من الحرب هو حديث منطقي ومعقول، حقيقة تصيبني الدهشة عندما أرى المصفقين لهذه الهرطقات الفارغة ،وبعض هؤلاء المصفقين متعلمين ولكنها السذاجة السياسية والجهل بكيفية إدارة الدول، فمثلاً متحدث قروب رجال الأعمال من المفروض أنه يدير عمل ،أو شركة أو أموال بطريقة ما ،واهم صفة في رجل الأعمال هي حساب الجدوى والفائدة والخسارة ،وكذلك يحسب مصلحته أولاً واظن رجل الأعمال المتحدث لم يحسب أبعد من مصلحته هذه .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى