
قطر
من هم أخطر أعداء السودان ؟
ما حدث في السودان خلال هذه السنة من تدمير و خسائر في مكتسبات البلد البشرية و المادية اعتقد انه لا مثيل له في تاريخنا القريب و رغما عن طبيعة الصراع الدائر و الذي في ظاهره يعتبر شأنا داخليا لكن تبدو جلية اثار استعانة المتمردين بالاجانب للمشاركة بعدتهم وعتادهم بل و بارواحهم في صراعات لا يعنيهم منها سوي جلب المال فالاجنبي راعي الحرب خارج حدوده الجغرافية بطبيعة الحال متطفل ومرتزق يجوب العالم بحثا عن مصالحه الانية و الدنيئة و لا يهمه ان تتلاشي ارض المعركة او تزال من الوجود ,
لكن الغريب في الامر ان يتمادي ابناء البلد في السير علي ذات الاتجاه و لا يبالون من احراق بلادهم و الاصرار المتزايد علي خرابها و افساد كل ما يصلح فيها للحياة بهذا التهور و الاندفاع غير المبرر.
بكل تاكيد هنالك اسباب و تراكمات ممتدة لسنوات وراء هذه الاعتداءات المستمرة علي الابرياء و الانتهاكات التي ترقي بلا منازع الي جرائم حرب و جرائم ضد الانسانية و هذه الاسباب بعضها ظاهر و بعضها خفي و لكن للاجابة عن السؤال اعلاه من هم اخطر أعداء السودان الذين هياوا البلاد للمشهد العبثي الماثل امام اعين الجميع نجد الامر لا يحتاج لكثير اجتهاد ,فقط علينا بامعان ملاحظاتنا تجاه حكوماتنا التي تولت ادارة شئوننا في السنوات الماضية بما فيها حكومة البشير و من تلاها وعلاقاتها بنا من ناحية و سلوكنا الفردي و الاجتماعي فيما بيننا من ناحية أخري .
عملت الانظمة التي حكمتنا مؤخرا علي تحطيم كرامتنا الانسانية باهمالها المزمن لمتطلبات حياتنا الضرورية و افقارنا ماديا و معنويا بسبب السياسات التعسفية الظالمة التي اتسمت بتمكين مناصريها فقط وفي الوقت نفسه كانت تتفنن في ادخال يدها في جيوبنا بالجبايات و الغرامات و الضرائب التاديبية القاسية التي لا نري لها اثرا في خدماتنا الاساسية الأمر الذي اسهم في تفاقم الفجوة بين الثراء و الفقرو ادي بشكل واضح الي اختلال عجلة التنمية الشاملة المتوازنة. ولم تكتف قيادتنا بما سبق بل اضافت اليه اكبر جريمة عندما سلحت مجموعات قبلية معينة ضد مجموعات اخري فسالت أنهارا من دماء المواطنين العزل و اضافة لكل ما سبق لم تنجح اجهزة حكامنا المختصة في ازكاء روح التسامح بين المكونات السكانية في البلد الواحد الامر الذي نتج عنه ميلاد عدو خطر وخفي و هو التعصب للقبيلة و الاحتماء بحماها و انه عدوا فتاكا للاسف بدأ صغيرا في مناطق كانت تعاني اصلا من السيولة الامنية الا انه ربا و انتفخ و تمدد في معظم الولايات وصار يتغلغل في دولتنا و يقوم بتفتيتها و تقديمها لقمة سائغة لكل من اراد النيل منها.
كذلك من ألد أعداء البلاد من الداخل هو خطاب الكراهية الذي بلغ منتهاه بين العناصر السياسية و من شايعها من المواطنين قبيل المواجهات المسلحة في منتصف ابريل من العام المنصرم فاصبحت لغة التشفي و الانتقام هي السائدة بين الناس و كانت المحصلة المؤلمة ما نشهده اليوم من انهيار كامل للدولة.
مؤسساتنا التعليمية و التربوية كذلك تتحمل وزرا في تغافلها عن مواجهة اكبر أعداء الامة و هو الجهل بقيمة الوطن الكبير والفشل في غرس الروح الوطنية الوفية للتراب الغالي في اذهان الاجيال المتعاقبة عبر المناهج الوطنية التي تؤهل الجميع لان يكونوا مواطنين صالحيين معافيين من امراض الجهل و العمالة و الخيانة التي قصمت ظهر البلد و اشعلت نيران الحرب و ما زالت تصب الزيت عليها في كل الارجاء , فماذا نرجو نحن من جاهل وخائن و يحمل في يده السلاح ؟, لا نملك الا ان نتقي شره عملا بنصيحة المثل القائل احذروا الثور من الامام و الحصان من الخلف و الجاهل من كل الاتجاهات .