
العقوبات الأمريكية على الدعم السريع…. زاوية مغايرة
✍ آدم آدم إساي
العقوبات الأمريكية تدخل خانة الضغوطات السياسية التي تدعم خطوات العودة إلى طاولة التفاوض.
* الحكومة الأمريكية قد تخلت عن الجذرة و اصبحت تستحدم العصا فقط.
* الولايات المتحدة تدرك خطورة الإنحياز لأحد الطرفين.
* الدعم السريع قادر على إلحاق الأذى بالمصالح الأمريكية في المنطقة.
لقى خبر إصدار وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على القائد الثاني لقوات الدعم السريع ، الفريق عبدالرحيم دقلو إهتماما منقطع النظير من كأفة المهتمين بالشأن السوداني ، كما قوبل بالإرتياح من وزارة الخارجية السودانية التي بدورها سوف تسعى للإستثمار هذه الخطوة بكل الطرق و بكأفة الوسائل لتوظيفها دبلوماسيا في حربها مع قوات الدعم السريع ، بإعتبار العقوبات تشمل حظر جميع ممتلكات الرجل الثاني في الدعم السريع و تحظر التعامل معه بإعتباره مسؤول عن الجرائم التي وقعت على أساس العرق خاصة في ولاية غرب دارفور.
من الملاحظ أن أغلب من تناول هذه الخطوة ، خاصة من قبل المحللين من داعمي الجيش الذين تناولوا الخبر من زاوية واحدة و هي تأثيره على مستقبل الدعم السريع و ذهبوا إلى إبعد من ذلك حيث اكد البعض أن هذه الخطوة تمثل نقطة بداية لخطوات أخرى قد تصل إلى إعلان الدعم السريع حركة إرهابية أسوة بداعش و تنظيم القاعدة !! .
برأيي أن قرار وزارة الخزانة الأمريكية تجاه الدعم السريع و توجيه الإتهامات له بإرتكاب فظائع بإقليم دارفور ترقى لجرائم ضد الإنسانية ، لا ينفصل على القرارات السابقة التي تم إصدارها ضد شخصيات في الجيش و الدعم السريع ، إن مثل هذه القرارات تدخل في خانة الضغوطات السياسية التي تدعم خطوات العودة إلى طاولة التفاوض و إنهاء الحرب في السودان ، و هذا مؤشر واضح بأن الحكومة الأمريكية قد تخلت عن الجذرة و اصبحت تستخدم العصا فقط بعد أن أبدى طرفا النزاع إصرارا سافرا لمواصلة القتال لأخر جندي دون وضع أي إعتبار الاوضاع الإنسانية المميتة التي يعاني منها الشعب السوداني خاصة اللأجئين في دول الجوار ، الأمر الذي ينسف كل الجهود التي بذلت بواسطة الولايات المتحدة و المملكة العربية السعودية عبر تبنيهما للمنبر جدة .
من الملاحظ أن الكثيرين قد تغافل عن تصريحات _ بلينكين _ وزير خارجية الولايات المتحدة المتزامنة مع قرارات الخزانة الأمريكية ؛الذي اكد خلالها بشكل صارم بأن الولايات المتحدة ستستخدم كل الوسائل لإعاقة قدرة الدعم السريع و الجيش على إطالة أمد الحرب ، و إنها _ الولايات المتحدة _ ستفعل كل ما بوسعها للعودة للحكم المدني ، مثل هذه التصريحات توضح بجلاء أن الحكومة الأمريكية تتعامل بتوازن مع كلا الطرفين ، الجيش و الدعم السريع ، فهي بكل تأكيد تعلم خطورة الإنحياز لأحد الطرفين الأمر الذي سيعقد المشهد كليا ، يفتح الباب واسعا لدخول أجندات معادية للسياسة الأمريكية في المنطقة خاصة روسيا التي باتت تتصيد الفرص لدخول في مناطق نفوذ فرنسا و الولايات المتحدة خاصة في إفريقيا التي بدأت التوترات السياسية تهددها من إتجاهات عديدة ،
لا يخفى على أحد أن الدعم السريع يملك مفاتيح عدة بخصوص دول الساحل الإفريقي الملتهب و إنه قادر على إلحاق الأذى بالمصالح الأمريكية في المنطقة حال تحالفه مع روسيا ، كما أن الأنهيار الأمني في دول غرب و وسط إفريقيا سيشجع الجماعات الأرهابية خاصة جماعة بوكو حرام التي بدأت تفقد حرية الحركة فى مناطق بحيرة تشاد و التي سوف تجد ملاذات ٱمنة في إقليم دارفور و من ثم بقية مناطق السودان حال إستمرار الحرب و فقدان امريكا سيطرتها على الدعم السريع الذي سيقلب الطاولة على الجميع ، هذه المعطيات لا تخفى على الحكومة الأمريكية في تعاملها مع الدعم السريع لذلك فهي لن تسعى لفتح ابواب الجحيم على نفسها ، لذلك لن تتمادى في عقوباتها أكثر من هذه الخطوة على الأقل في هذه المرحلة ، كما انها قد تستخدم كروت العقوبات نفسها ضد الجيش السوداني على قرار ما وعدت بها الحكومة البريطانية بإصدار عقوبات على الجيش السوداني و قوات الدعم السريع ، بناء على ذلك من المعقول القول بأن عصا العقوبات الأمريكية ستستخدم ضد كل الأطراف الداعمة لإستمرار الحرب و إعاقة التحول الديمقراطي بهدف إجبارها على العودة لطاولة المفاوضات .
خلاصة القول بأن العقوبات الأمريكية ضد نائب قائد قوات الدعم السريع الفريق عبدالرحيم دقلو ، تخدم الاجندة الداعمة لوقف الحرب و الدخول في تسوية سياسية تفضي إلى قيام الدولة المدنية ، أكثر مما تدعم الجيش السوداني كما حاول البعض تصويرها على انها هزيمة لقوات الدعم السريع و إنتصارا باهرا لجيش