راي

شاهيناز القرشي تكتب …الدور الروسي في الحرب والانقلابات في السودان وافريقيا بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

 

 

الدور الروسي في الحرب والانقلابات في السودان وافريقيا

شاهيناز القرشي

إضاءات تاريخية حول وجود الاتحاد السوفيتي في المنطقة
في اعتقادي بدأ التدخل الروسي(الاتحاد السوفيتي) في السودان بشكل فعّال مع انقلاب نُميري – ذو الطابع الاشتراكي – في مايو 1969م، وحتى وإن كان الانقلاب غير مدعوم بشكل مباشر من الاتحاد السوفيتي فهو قد جذب انتباههم للبؤرة الاشتراكية التي تتشكل في منطقة يدور حولها صراع كبير في فترة الحرب الباردة، وربما كان الاتحاد السوفيتي ينظر لما يحدث في السودان كتطور طبيعي للتواجد السوفيتي في مصر والمشاركة الفعّالة في إعادة بناء الجيش المصري والقتال ضد اسرائيل جنباً إلى جنب مع جمال عبد الناصر اشتراكي النزعة، وبعد شهور قليلة من وصول نميري للحكم انقلب العقيد القذافي على النظام الملكي في ليبيا وهو ايضا يحمل أفكار اشتراكية.
كان هذا أوان مجد للأفكار الشيوعية والتي مثلت في تلك الفترة التمرد على الاستعمار وأفكاره، وخلقت وحدة بين هذه البلدان الثلاثة، حتى ان القذافي أسهم في افشال انقلاب هاشم العطا، والذي شكل النقطة الفارقة في تاريخ انتشار الافكار الشيوعية في السودان، اذ انقلب عليهم نميري وأعدم كبار المفكرين الشيوعيين واتجه ناحية الاخوان المسلمين الاعداء الطبيعيين للشيوعيين .

واستوجب خلاف نميري مع الشيوعيين خلافاً مع الاتحاد السوفيتي واتجه للأعداء الطبيعيين له وهو الغرب المتمثل في امريكا، وهنا يظهر بوضوح لماذا يتم اعتبار الاخوان المسلمين العميل الغربي الأول .
انقطع التعامل مع روسيا حتى عاد نظام الاخوان المسلمين للحكم وبسبب تدخلهم في دول الجوار ومحاولة اغتيال حسني مبارك ودعم الجماعات الارهابية قررت امريكا التخلي عن حليفها الطبيعي ووضعتهم في خانة الاعداء وانزلت عليهم عقوبات شديده، فأتجه الاخوان المسلمين للمعسكر الشرقي ذو الأيدلوجيا الشيوعية التي تخالف منهجهم، وكان هذا حلماً تحقق لروسيا التي تبحث عن موطئ قدم لها في افريقيا وفي البحر الأحمر وذلك بعد ان فقدت مصر بسبب انقلاب انور السادات عليهم وميله ناحية الغرب.

 

 

لماذا السودان ؟
روسيا التي لم تستطيع ان تدخل الى السباق الاستعماري لأفريقيا قديماً وذلك بسبب طبيعة قواتها والتي كانت تتكون من قوات برية في معظمها مع تخلف في اسطولها البحري، و تجمد شواطئها معظم شهور السنة مما يعيق السفن التي يمكن ان تنقل الجنود والاسلحة والامدادات، بالإضافة الى بعد المسافة التي ستكون مكلفة جداً في النقل، وايضاً بسبب احتلال الدول الأوربية لمعظم دول افريقيا وكذلك للسواحل التي توصل اليها مما سيجعلها تخوض حروب مع أروبا التي سبقتها للمنطقة فاكتفت روسيا بالتوسع وضمت كل ما حولها وكونت الاتحاد السوفيتي.

 

الآن روسيا ترى أن هنالك طرق جديدة للسيطرة والنفوذ على الدول الافريقية الضعيفة وذلك بإزالة الحكومات الموالية للغرب واحلال حكومات موالية لها، لذلك سعت روسيا للسيطرة على ميناء في بورتسودان وأنشأ قاعدة عسكرية ستكون رأس الرمح للدفاع عن مصالحها في المنطقة ، وأغلب الدول التي تريد روسيا السيطرة عليها وتحيط بالسودان تعتبر دول حبيسة ولا تمتلك منفذاً بحرياً، اذاً السودان دولة محورية لدى روسيا من حيث الموقع، هذا فضلاً عن موارد السودان الزراعية والمعدنية الكبيرة والتي جربت روسيا ان ترتع فيهم دون حسيب ولا رقيب.
جاءت الثورة السودانية وانقلبت على حليف روسيا عمر البشير والذي سمح لروسيا بتعدين ونهب الذهب ويقال انها تعدن اليورانيم الذي تمتلك منه السودان كميات مهولة وتعتبر ثالث دولة من حيث احتياطي اليورانيوم والذهب مجتمعين، فتح عمر البشير مناجم السودان لروسيا مقابل تدريب وتسليح الدعم السريع بشكلِ خاص – بسبب عدم ثقة عمر البشير في الجيش – وقد ساعدت مليشيا فاغنر في قمع المظاهرات السودانية ودربت القوات التي فضت اعتصام القيادة العامة وظلت على تعاونها مع البرهان وحميدتي حتى انقلاب 25اكتوبر، وتدثر البرهان خلف حميدتي وأرسله لتأييد الحرب الروسية على اوكرانيا حتى لا يثير حفيظة أمريكا ويجاهر بالدعم الروسي لانقلابه، وقد سبقت نائب رئيس مجلس سيادة برهان شحنات ضخمة من الذهب اقامت ظهر روسيا امام العقوبات الامريكية بعد غزوها لأوكرانيا، وهنا يتضح لماذا تدعم أمريكا الحكم المدني في السودان، فهي تعلم ان الحكم العسكري غير مستعد للتعامل الا مع حليفهم روسيا التي لا يهمها إلاّ استثماراتها وهي أكثر تسامحاً مع الدكتاتوريات.

 

الدور الروسي في حرب السودان
بما انني في مقال سابق بعنوان (انقلاب البرهان على الكيزان) قلت ان ما حدث في 15 أبريل كان انقلاب الكيزان الذي سبق انقلاب برهان عليهم، وواضح ان روسيا حليف لبرهان وحميدتي فهي كانت داعمة لانقلابهم، وهنا يدخل افتراض مهم ما دور امريكا في اشعال هذه الحرب؟ هل يمكن ان نستبعد انها من سرّب المعلومة للإخوان المسلمين ليوقفوا انقلاب برهان حميدتي الموالي لروسيا ؟ وما يدعم هذا الافتراض عدم السماح لطرف بالانتصار والحفاظ على توازن الضعف بمفاتيح ضغط تفعلها امريكا بشكل جيد وتسعى لإعادة الحكم المدني. وهذا ايضا يفسر قسوة الشيوعي على قوى الحرية والتغيير وفي نفس اللحظة يقبلون الحديث والنقاش مع داعمي الانقلاب كما صرحت عضوة الحزب الشيوعي اماني فضل، وهذا موقف مفهوم بالنسبة لي فالحزب الشيوعي لا يستطيع ان يتعايش مع أحزاب من الممكن ان تضع دستور يخالف مبادئ الشيوعية الاقتصادية على الاقل، ففي هذه الحالة سينسلخ الحزب عن مبادئه ليستطيع تداول السلطة مع احزاب تخالفه في الأيدلوجيا هذا إذا استطاع ان يقدم برنامج انتخابي متوافق مع الدستور والرؤية الاستراتيجية التي يجب ان توضع للبلاد ولا يخرج عن مبادئ الاشتراكية.
ولا يفوتني ان أذكر بروز تيارين في الحزب الشيوعي تيار متسامح مع القوى السياسية الاخرى ولديه الاستعداد للتعامل معها وتيار يرفض تماماً وهو الاعلى صوتاً في الحزب .

إذاّ الحرب السودانية ماهي الا تمظهر للصراع الأمريكي الروسي، فروسيا لا تريد ان تفقد اوزتها التي تبيض ذهباً وحكومة مسلوبة الارادة تعادي امريكا ومقيدة بالعقوبات ،وهذه الحكومة ستسهل مهمتها في فرض سيطرتها على دول جوار السودان .وامريكا لا تريد ان تترك المنجم لموسكو .
وإذا كان لابد للدول النامية أن تتبع لمحور فانا أفضل المحور الامريكي لأنه يتفق مع رؤيتنا للسودان يحكم مدنياً وسيبعدنا عن مناطق نفوذ العسكر.
اعتقد لازال التدخل الخارجي في حرب السودان يتسم بالنعومة نوعاً ما، وكل المتدخلين يدعون عكس ذلك، ولكن إذا طال أمد الحرب لا تستبعد ان تتغير السيناريوهات وتختلف الأولويات باختلاف الظروف الإقليمية والعالمية.
#اوقفوا_الحرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى