شئ للوطن ــ م.صلاح غريبة – مصر Ghariba2013@gmail.com ــ نمو زراعي مستدام ــ بعانخي برس
بعانخي برس

بعد ويلات الحرب التي عصفت بالسودان، ومع قرب التعافي والبدء في مرحلة إعادة البناء، تبرز الزراعة كقاطرة أساسية للنهضة الاقتصادية الشاملة. لا يقتصر دور الزراعة على توفير الغذاء فحسب، بل يمتد ليشمل توفير فرص العمل، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، والمساهمة الفاعلة في مشروع الكفاية الغذائية للوطن العربي. إن النجاح في هذا المسعى يتطلب رؤية استراتيجية متكاملة ترتكز على الابتكار وريادة الأعمال.
يشكل إعلان مركز البحوث الزراعية عن انطلاق مؤتمر ومعرض “الابتكار وريادة الأعمال نحو تنمية زراعية” في مصر، والذي يناقش موضوعات تتعلق بالابتكارات وريادة الأعمال في المجال الزراعي، بصيص أمل يُمكن للسودان الاستفادة منه كنموذج إرشادي. ففي ظل التحديات الراهنة، لا يمكن الاعتماد على الأساليب التقليدية وحدها لتحقيق قفزة نوعية في القطاع الزراعي.
الابتكار هو المفتاح لتجاوز العقبات. يمكن للسودان، بفضل أراضيه الشاسعة وموارده المائية الوفيرة، أن يصبح سلة غذاء المنطقة، لكن ذلك يتطلب تبني تقنيات زراعية حديثة كـالزراعة الذكية، والري بالتنقيط، واستخدام الأسمدة العضوية، وتطوير بذور محسّنة تتكيف مع الظروف المناخية المتغيرة. كما أن البحث العلمي في مجال الزراعة وتطوير سلالات نباتية وحيوانية محسنة يلعب دورًا حيويًا في زيادة الإنتاجية وتحسين جودة المحاصيل.
في الوقت ذاته، تُعد ريادة الأعمال في القطاع الزراعي ضرورية لخلق قيمة مضافة. إن تشجيع الشباب على الانخراط في مشاريع زراعية مبتكرة، وتقديم الدعم اللازم لهم من خلال برامج تمويل وتدريب، سيساهم في تنويع المنتجات الزراعية، وتصنيعها، وتسويقها محليًا وإقليميًا. يمكن أن يشمل ذلك مشاريع مثل الزراعة العضوية، وتصنيع الأغذية، وتطوير سلاسل التوريد الزراعية الحديثة.
من الضروري أن تُسهم جهود التعافي في السودان في بناء نظام زراعي مرن وقادر على التكيف مع الصدمات المستقبلية. هذا يتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية الزراعية، وتطوير القدرات البشرية، وتفعيل دور البحث والتطوير. كما يجب أن تتضافر جهود الحكومة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، والمنظمات الدولية لتحقيق هذا الهدف.
لا يقتصر الطموح على تحقيق الاكتفاء الذاتي للسودان فحسب، بل يمتد إلى المساهمة الفعالة في الكفاية الغذائية للوطن العربي. فالسودان مؤهل ليصبح شريكًا استراتيجيًا في تحقيق الأمن الغذائي للمنطقة بأسرها، من خلال زيادة الصادرات الزراعية وتنويعها.
إن النهضة الزراعية الشاملة في السودان بعد التعافي من الحرب ليست مجرد أمنية، بل هي ضرورة حتمية. إنها استثمار في المستقبل، يضمن الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، ويُعيد للسودان مكانته كقوة زراعية رائدة في المنطقة. هل ستُترجم هذه الرؤية إلى واقع ملموس يعود بالنفع على السودان والوطن العربي؟