
هذا الرجل لم يكن غريبا عنا بل كان قريبا منا، عرفته الجماهير وهي تهتف.. ايلا.. ايلا.. كان يبدأ خطابة بالبسملة، دقيق في المواعيد ساعته لا تفارقة ابدا، يقرأ الراهن من عدة زوايا ويعرف اين يكمن الخلل الذي يجب اصلاحه وعلاجة، يتابع قراراته بنفسه، لا ينسي صحبته، عرفناه لا يركن ولا يستكين، تجده ثم هنالك بين الجماهير، يلاطف يضاحك مبتسما حتي تبين بياض اسنانه، انه ايلا الذي دخل ولاية الجزيرة واليا فقلنا من اين سيبدأ ايلا.. فبدأ مشواره الخدمي والسياسي فنجح فقال الرئيس السابق عمر البشير في خطابه باستاد ودمدني امام الجماهير عندما هتفت ايلا.. ايلا…ايلا دا قلعناهو ليكم قلع من بورتسودان ومبروك عليكم ياناس الجزيرة..
. َلقد رحل الرجل فلن يعود.. رحل ابوفاطنة واوهاج.. رحل رجل الشرق والشمال والجنوب والغرب.. رحل ابو الطاهر ورفيق نيازي وعثمان خليل…رحل وصورته معلقة في اذهان اهل الجزيرة…
نعم الدكتور محمد طاهر إيلا كان سياسيًا سودانيًا بارزًا، شغل منصب رئيس وزراء السودان في الفترة من فبراير إلى أبريل 2019، مما جعله آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس عمر البشير. ولد في مدينة جبيت بولاية البحر الأحمر عام 1951، وينتمي إلى قبيلة الهدندوة ذات الاصول السودانية العريقة
لقد شغل منصب والي ولاية الجزيرة وعمل واليًا لولاية البحر الأحمر لمدة 10 أعوام كما تقلد مناصب وزارية مهمة، بما في ذلك وزارات التجارة الخارجية، النقل، والاتصالات عُرف الرجل بكونه شخصية قيادية بارزة في الحركة الإسلامية السودانية عرف عنه بانه “صانع المدن” حيث ترك بصمته الكبيرة في شكل مدينة بورتسودان بصورتها الحالية وقام بتحويل مدينة ود مدني في ولاية الجزيرة من مدينة مهملة إلى مدينة نظيفة، حيث شيد الطرق وجمل المدينة وازاح الغبار عنها بقوة قراراته
لقد رحل دكتور محمد طاهر إيلا يوم 6 أكتوبر 2025 في العاصمة المصرية القاهرة، بعد صراع طويل مع المرض. وقد نعاه رئيس الوزراء وأعضاء حكومة الأمل، ووصفوه بأنه كان “علماً من أعلام السودان ووطنيا مخلصا، مخططا بارعا، يسعي للابداع بنفسه،، يكره التردد علي بلاط السلطان، الوقت للعمل لاغير ذلك، وزراء حكومته يعرفونه جيدا بانه رجل توقيت ومواعيد، مجلس تشريعي ولاية الجزيرة كان الاختلاف واضحا والقرار قويا، اغلق بلف المواسير التي كانت تصب في مواعين شخوص بعينهم، في احدي زيارتنا لمحلية الكاملين وبشارع سفلت حديثا وقف علي الطريق سائلا المهندس المسئول عن عرض الطريق لتأتي الاجابة سته امتار، قال وينوا المتر السابع شغلكم ناقص متر في العرض، امشوا جهزوا التقرير عشان نعرف المتر مشي وين،، فكانت الدهشة تعلو وجوه الحاضرين،، رجل لا يعرف المجاملة يقرأ الواقع من عدة زوايا ولا يتراجع فيما اشار اليه، يعرف كيف يجلب المال ليضعه في مكانه الصحيح، كان رجل مرحلة اتت ثم افلت بذهابه،، ولاية الجزيرة بل الوطن كله وقف لوداعك لمثواك الاخير يا ايلا.. ولا لنا من غير.. اللهم اغفر له وارحمه واسكنه فسيح جناتك مع الصديقين والشهداء..