راي

شئ للوطن ــ م.صلاح غريبة – مصر ــ Ghariba2013@gmail.com الفيتوري… صوت أفريقيا الجريح يتردد صداه عبر الزمان ــ بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

 

في ذكرى رحيل قامة شعرية سودانية وعربية فريدة، الشاعر المرهف محمد مفتاح الفيتوري ( 24 أبريل )، تستعيد الذاكرة إرثًا أدبيًا ثريًا تجاوز حدود الوطن ليلامس قضايا الإنسان في كل مكان. لم يكن الفيتوري مجرد شاعر ينسج الكلمات، بل كان ضميرًا حيًا نبض بهموم أمته الأفريقية والعربية، وصوتًا مدويًا صدح بالحرية والعدالة والوحدة في وجه الظلم والاستعمار والتشرذم.
تميز شعر الفيتوري بخصائص جمالية وفكرية عميقة. لغته الشعرية كانت سلسة وعذبة، لكنها تحمل في طياتها شحنات عاطفية وفكرية قوية. مزج في قصائده بين الأصالة والمعاصرة، مستوحيًا من التراث العربي والأفريقي ومستفيدًا من التيارات الشعرية الحديثة ليخلق صوتًا شعريًا مميزًا لا يضاهى.
لقد كان الفيتوري شاعرًا ملتزمًا بقضايا عصره، لم يتردد في التعبير عن آلام أمته وتطلعاتها. جابت كلماته أرجاء القارة السمراء، معبرة عن صراعها ضد الاستعمار والعنصرية، ومؤكدة على حقها في الحرية والتقرير الذاتي. كما تفاعل شعره بعمق مع قضايا الأمة العربية، داعيًا إلى الوحدة والتضامن ونبذ الفرقة والانقسام.
تتجلى هذه الروح الثائرة والملتزمة في العديد من قصائده، ومن بينها قوله في قصيدة “أغنية أفريقيا”:
أفريقيا… يا مهد الأبطال
ويا كنز الأجيال
ويا رمز النضال
ستعودين حرة
قوية أبية
ترفعين رأسك في السماء
وتعلنين للعالم
أن فجرًا جديدًا قد لاح
وفي قصيدة أخرى تعبر عن مرارة الاغتراب والبحث عن الذات، يقول الفيتوري:
غريب على هذا الدرب
أبحث عن وجهي
عن صوتي
عن بعضي المفقود
في زحمة الوجوه
وضجيج المدن
لم يقتصر إبداع الفيتوري على الشعر فحسب، بل امتد ليشمل الكتابة النثرية والمقالات التي عبر فيها عن آرائه وأفكاره بوضوح وجرأة. كان مثقفًا عضويًا بمعنى الكلمة، حاضرًا في قلب الأحداث، ومشاركًا بفكره وقلمه في تشكيل الوعي العام.
في ذكرى رحيله، نستذكر الفيتوري كقامة أدبية وفكرية تركت بصمة لا تمحى في تاريخ الشعر العربي الحديث. يبقى صوته الشعري حاضرًا، يحمل في طياته رسائل الأمل والحرية والوحدة، ويُلهم الأجيال القادمة للسعي نحو عالم أكثر عدلاً وإنسانية. إن إرث الفيتوري سيظل حيًا ما دامت هناك قلوب تنبض بالحرية وألسنة تتغنى بالجمال والحق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى