شئ للوطن ــ م.صلاح غريبة – مصر ــ Ghariba2013@gmail.com السودان يستنكر التزييف والابتزاز الأمريكي: تاريخ من التدخلات والأكاذيب ــ بعانخي برس
بعانخي برس

نتابع، نحن الشعب السوداني وحكومتنا وإعلامنا، باستنكار شديد ورفض قاطع، ما يصدر عن الإدارة الأمريكية من اتهامات وقرارات لا تستند إلى أي أساس من الصحة، بل تتسم بالابتزاز السياسي وتزييف الحقائق بشأن الأوضاع في السودان. إن هذه ليست المرة الأولى التي تتعامل فيها واشنطن مع قضايانا بمنطق التدخل غير المبرر، بل هي حلقة جديدة في سلسلة طويلة من السياسات التي عرقَلت، على مدى سنوات طوال، مسيرتنا نحو الاستقرار والسلام والازدهار. وليس من المستغرب أن تُستأنف هذه السياسات العدائية كلما أحرزت دولتنا تقدماً ملموساً على الأرض.
إن فبركة الاتهامات وترويج الأكاذيب، بما في ذلك الادعاءات الأخيرة التي لا تستند إلى أي دليل، تأتي ضمن نهج قديم يرتكز على خارطة الطريق التي وضعتها الإدارة الأمريكية السابقة عام 2005. هذه الخارطة، التي تُعدّل مرحلياً بما يخدم الأجندات الأمريكية، تعتمد على مزاعم لا تمت إلى الواقع بصلة، وتستهدف بشكل متكرر زعزعة استقرار السودان وعرقلة تقدمه.
لقد استهدفت هذه الادعاءات الكاذبة مجدداً القوات المسلحة السودانية، لاسيما بعد إنجازاتها الميدانية التي غيرت من واقع المعركة وأعادت التوازن، وعقب تعيين رئيس للوزراء، وهو ما شكل تطوراً مهماً في مسار إعادة بناء مؤسسات الدولة. هذه ليست المحاولة الأولى؛ فقد استخدمت الولايات المتحدة أدوات مماثلة في السابق دون أن تحقق أهدافها الرامية إلى فرض وصايتها على قرارنا الوطني.
في خضم هذه الحملة المضللة، تابع العالم التصريحات الواضحة التي أدلت بها السيناتور الأمريكية سارة جاكوب، والتي انتقدت فيها تواطؤ إدارة بلادها مع الجرائم التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع في السودان، بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد دعت جاكوب إلى حظر توريد الأسلحة لهذه الميليشيات. هذا الموقف يعكس وجود أصوات أمريكية تدرك حقيقة الأزمة وحجم المظالم التي يتعرض لها الشعب السوداني، وهو ما يدحض مزاعم الإدارة الأمريكية ويُظهر تزييفها للحقائق.
نذكر بأن الولايات المتحدة سبق أن قصفت مصنع الشفاء في أغسطس 1998، استناداً إلى مزاعم ثبت كذبها لاحقاً، إذ تبيّن أن المصنع كان لإنتاج الأدوية. واليوم تعود ذات المزاعم باتهامات لا أساس لها بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية. بينما تلتزم واشنطن الصمت حيال الجرائم الموثقة بحق المدنيين في دارفور ومناطق أخرى، التي تقف خلفها دولة الإمارات العربية المتحدة عبر دعمها غير المحدود للميليشيات، ومن خلال تزويدها بطائرات مسيرة استراتيجية، وأسلحة أمريكية حديثة، وتمويل مالي كامل، أقرت به لجنة خبراء الأمم المتحدة.
إن هذه الرواية الكاذبة، التي تسعى الإدارة الأمريكية إلى تسويقها دولياً، ليست سوى محاولة جديدة لتضليل الرأي العام، وتوفير غطاء سياسي لجهات فقدت شرعيتها وتورطت في ارتكاب جرائم ضد الشعب السوداني. لقد سبق أن سعت الإدارة الأمريكية السابقة إلى فرض الاتفاق الإطاري على الشعب السوداني بطريقة تضمن بقاء الميليشيات ضمن مشهد انتقالي مصطنع، متجاهلة تطلعات الشعب في بناء دولة مدنية عادلة تقوم على القانون والحرية والسيادة الوطنية عبر انتخابات حرة وشفافة.
إن الشعب السوداني وحكومته، إذ يدركان أبعاد هذا الابتزاز السياسي المستمر، يؤكدان أن ما تشهده المرحلة الراهنة ليس إلا تكراراً لأخطاء سابقة في تعامل الإدارة الأمريكية مع قضايا السودان. غير أن الفارق اليوم هو أن هذه التدخلات، التي تفتقر إلى الأساسين الأخلاقي والقانوني، تُفقد واشنطن ما تبقى لها من مصداقية، وتُغلق أمامها أبواب التأثير في السودان بفعل قراراتها الأحادية والمجحفة.
على الحكومة الأمريكية أن تدرك أن حكومة السودان، المدعومة بإرادة شعبها الأبي، ماضية في طريقها حتى تحقيق الانتصار الكامل في معركة الكرامة، ولن تلتفت إلى أية محاولات تستهدف عرقلة تطلعات الشعب السوداني نحو حياة كريمة، وتحرير بلاده من الميليشيات وتدخلات دول العدوان. إن إرادة الشعب السوداني أقوى من أي ضغوط أو اتهامات كاذبة.