شئ للوطن ــ م.صلاح غريبة- مصر ــ Ghariba2013@gmail.com ــ الإدارة الأهلية في السودان.. عقبة في طريق السلام ــ بعانخي برس
بعانخي برس
“المابستحي من ركوبك لا تستحي من تنكيسه”، هذه المقولة الدارجة في دارفور تلخص بوضوح حالة الإدارة الأهلية في السودان اليوم. في خضم الحرب الدائرة، نرى زعماء هذه الإدارات يظهرون علنًا يحرضون على القتال، مستغلين نفوذهم التقليدي لتأجيج الصراعات وتعميق الشرخ الاجتماعي.
تاريخيًا، كانت الإدارة الأهلية في السودان نظامًا قائمًا على العرف والعادات، يهدف إلى تنظيم الشؤون المحلية وحل النزاعات. ولكن مع مرور الزمن، وتأثير الاستعمار والحكومات المتعاقبة، تحولت هذه الإدارة إلى أداة لتعزيز النفوذ السياسي وتقويض الوحدة الوطنية.
الأحداث الأخيرة في السودان كشفت عن الدور السلبي الذي تلعبه الإدارة الأهلية في إطالة أمد الحرب. فبدلاً من أن تكون عاملًا في تهدئة النفوس وحل الخلافات، أصبحت هذه الإدارة بؤرة للصراعات وتغذية للحروب القبلية.
أسباب فشل الإدارة الأهلية تتمثل في الفساد والمحسوبية، واستغلال بعض الزعماء لمناصبهم لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المصلحة العامة، بجانب تمسك بعض الزعماء بالعادات والتقاليد القديمة، مما يجعلهم غير قادرين على مواكبة التطورات الحديثة، واستغلال الأنظمة الحاكمة للإدارة الأهلية لخدمة أجندتها السياسية، مما أدى إلى تسييس هذه الإدارة وفقدانها لمصداقيتها.
إن استمرار الوضع على ما هو عليه يشكل تهديدًا خطيرًا لوحدة السودان واستقراره. لذلك، فإن الحل يكمن في إعادة النظر في دور الإدارة الأهلية، وإجراء إصلاحات جذرية تهدف إلى حل الإدارات الأهلية، بان يتم إلغاء هذا النظام بالكامل، وإعادة هيكلة الإدارة المحلية على أسس عصرية، مع تطبيق قوانين صارمة لمحاسبة كل من يثبت تورطه في فساد، ونشر المعلومات وتشجيع المشاركة المجتمعية في صنع القرار، وبناء مؤسسات قوية قادرة على تقديم الخدمات للمواطنين، ونشر الوعي بأهمية المواطنة والوحدة الوطنية.
إن الإدارة الأهلية في السودان بحاجة إلى تغيير جذري، وإلا فإنها ستظل عقبة أمام تحقيق السلام والاستقرار. يجب على الحكومة السودانية اتخاذ قرار شجاع بحل هذه الإدارات، ووضع حد لتأثيرها السلبي على المجتمع.