عبدالسلام العقاب يكتب .. لو كان المتنبي حيّا لما قالها… مزارعو الجزيرة بين وعود التمويل وتسويف الجهات المعنية ــ بعانخي برس
بعانخي برس

لو قدر للمتنبي أن يعيش في زماننا هذا لما جادت قريحته ببيت الشعر الذي قال فيه:
“أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي،
وأسمعت كلماتي من به صمم”.
فما عاد الشعر يسمع، ولا الأبواب تطرق فتفتح، ولا الحاجات تعرض فتقضى.
نحن لا نطرق أبواب المسؤولين عبثا، ولا نرفع الصوت إلا حين تضيق السبل، وتتعثر الخطى، ويحرم الناس من أبسط حقوقهم في لحظة هم أحوج ما يكونون إليها.
نطرق الأبواب لأن خلفها مزارعون ينتظرون تمويلا، وأُسرا تنتظر قوتا، ومشاريع تنتظر حياة تدب فيها
وفي قلب هذا المشهد، لا نشك أبدا في صدق محافظ مشروع الجزيرة، ولا في حرصه على إيجاد التمويل اللازم لمزارعي المشروع و إن كان الإيقاع بطيئا
و تبقي الحقيقة المؤلمة أن كل الاتفاقيات الإطارية مع الشركات وبيوت التمويل لم تنفذ في وقتها، ولم توفَ فيها الوعود، وكأن الزراعة يمكن أن تنتظر ، وكأن الأرض لا تعرف المواقيت .
فالجهات الطرف الثاني في تلك الاتفاقيات لم توف بالوعود التي وقّعتها إطارا ، مما أضعف الثقة وأربك المزارع في أكثر المواسم حساسية.
والزراعة يا سادة مواقيت لا تقبل التأجيل .
فإن تأخرت ساعة ، ضاعت بذرة.
وإن تأخرت يوما ، ضاع موسم .
وىإن تأخرت شهرا ، ضاعت أرزاق و أحلام و أوطان.
ها هو الأسبوع الأول من نوفمبر ينقضي، والمزارع لا يرى إلا عجز القادرين على التمويل.
التسويف سيد الموقف، والوعود تتلاشى، بينما الأرض تزداد ترقبا ، والمزارع يزداد قهرا.
لقد كان البنك الزراعي السوداني في السنوات الماضية مثالا للتمويل الكامل لمزارعي الجزيرة، لكنه بدأ يخفق، خاصة هذا الموسم الذي أعقب خروج المليشيات من الجزيرة .
وقد نجد له بعض العذر ، لكن ماذا عن المزارعين الذين فقدوا كل شيء؟
نهبت مدخراتهم ، و سرقت معداتهم ،، و أهملت أراضيهم ، ولم يتبق لهم ما يسد الرمق، ناهيك عن سداد المديونيات المتراكمة من موسم الحرب.
كثيرون طالبوا بالتمويل ، وجدولة الديون لمواسم لاحقة ، أو على الأقل بطريقة تجعل المزارع قادرا على السداد دون أن يكسر ظهره أو ان نظهره انه كسول غير قادر علي زراعة أرضه .
و في لقاء جماهيريا بحاضرة المشروع وجه رئيس الوزراء بجدولة ديون الجهات الممولة ، فهل كان كلامه خطابا جماهيريا للكسب الشعبي ؟ أم أنه وعدا حقيقيا ينتظر من ينفذه لا من يمنع التنفيذ ؟
السيدة محافظ البنك المركزي ما دوركم كرقيب على البنوك في تنزيل قرارات مجلس الوزراء إلى واقعٍ معاش؟
هل الرقابة مجرد تقارير؟ أم هي التزام أخلاقي ووطني تجاه من يزرعون لنا الحياة ؟ ومن يحققون شعار السودان سلة غذاء أم تريدونه لا يحقق شعار قفة الملاح
السيد مدير عام البنك الزراعي السوداني ، لماذا يلزم المزارع بإحضار ضامن و معه شيك عند التمويل؟، وهو الذي فتح حسابا في فرع البنك، وقدم شهادة من إدارة المشروع تثبت أنه مزارع؟
ولماذا يحرم المزارع الضامن من التمويل إذا عجز المضمون عن السداد ؟
و كيف يكون الحل في حالة وفاة المضمون؟
ألا يمكن أن تكون تلك الضمانات بالتنسيق مع إدارة مشروع الجزيرة ، و بما يضمن العدالة وييسر الإجراءات؟
ختاما، السيد محافظ مشروع الجزيرة،
كنتم قد وعدتم قبل قرابة الشهرين بتمويل فدان واحد لكل مزارع في المشروع مجانا، بقصد خفض تكلفة التمويل.
فأين هذا الوعد؟
هل أخفقت الجهات المانحة في الوفاء بوعدها؟
أم أن المزارع وحده هو من يطالب دومًا بالصبر ، بينما تتأخر الجهات عن أداء واجباتها في الوقت الذي لا يحتمل التأخير؟
ختاما نحن لا نكتب للشهرة و لا للتشهير بالآخر و لكنه إلتزام اخلاقي تجاه من نري انهم احق بتوصيل اصواتهم
و الله من وراء القصد و هو الهادي لسواء السبيل
عبدالسلام العقاب
0914210983
wadalaqab@gmail.com
				

					


