نقوش متنوعة ــ د.م.كوثر باباي ــ *الهجرة غير الشرعية جرح مفتوح على جسد الوطن(1) ــ بعانخي برس
بعانخي برس

د.م.كوثر باباي
تتقدّم الهجرة غير الشرعية اليوم لتصبح واحدة من أكثر الملفات تعقيدًا وإلحاحًا في العالم العربي والأفريقي، بعدما تحوّلت من مجرد سعي فردي للخلاص إلى ظاهرة اجتماعية ضاغطة تحمل في طياتها أبعادًا اقتصادية وسياسية وإنسانية عميقة. إنها رحلة تبدأ من اليأس ولا تنتهي غالبًا إلا بالفقد؛ فقدٍ للإنسان، وللطاقات، وللحلم ذاته حين يصبح الوطن ضيقًا على أبنائه.
لا يركب الشاب البحر هربًا من وطن يحبّه، بل هربًا من واقع يعجز عن احتماله. فالأزمات الاقتصادية الممتدة، وفجوات التنمية، وغياب العدالة في توزيع الفرص، تضع الشباب أمام معادلة قاسية: إمّا البقاء داخل دائرة المعاناة، وإما القفز نحو المجهول بحثًا عن نافذة تُفتح في آخر الأفق. وهكذا يتسلل الإحباط إلى القلوب، لتصبح الهجرة غير الشرعية خيارًا مُرًّا لكنه – في نظر البعض – أقل مرارة من البقاء.
الواقع القاتم على ضفاف المتوسط.
تُظهر التقارير الدولية أن طرق الهجرة عبر البحر المتوسط تُعد من أخطر المسارات على الإطلاق. قوارب متهالكة تحمل أحلامًا كبيرة، ووجوهًا أنهكها الفقر، وأجسادًا تدفع آخر ما تبقى من قوتها للحصول على فرصة واحدة فقط… فرصة للحياة. لكن هذه الرحلة، في أغلب الأحيان، تختطف أرواحًا قبل أن تصل إلى الضفة الأخرى، لتتحول آمال المهاجرين إلى أرقام جديدة تُضاف إلى سجلات المفقودين.
خسارة مزدوجة: للوطن وللمهاجر.
خسائر الهجرة غير الشرعية لا تقف عند حدود الفرد، بل تمتد إلى الأوطان. فهجرة الشباب تعني تسرب أعز الموارد البشرية وأكثرها قدرة على البناء والإنتاج. كما تترك آثارًا اجتماعية عميقة، من تفكك الأسر إلى تراجع سوق العمل المحلي، فضلًا عن فقدان المهارات …الخ





