شاهيناز القرشي تكتب ..*هل عاد كيكل أم أجبر على العودة؟ومن يقود الدعم السريع* ــ بعانخي برس
بعانخي برس

*شاهيناز القرشي*
تقول بعض الإشاعات أن كيكل كان يتلقى الأموال من حميدتي قبل الحرب لتمويل قوات درع السودان ومده بالمهمات العسكرية كالملابس والأسلحة والسيارات، لذلك ساند كيكل الاتفاق الاطاري كما فعل حميدتي وإنه انضّم للدعم السريع من أول وهلة ولكنه كان يخفي ذلك.
أعلن كيكل انضمامه للدعم السريع بعد أربعة أشهر من انطلاقة الحرب، قلل الكثيرون من أهمية انضمام كيكل واعتبروها تنحصر في خبرته بجغرافيا وسط وشرق السودان بحكم عمله كمهرب أسلحة لديه معرفة عميقة بطرق سرية لا يعلمها الشخص العادي، مما سهل وصول الدعم السريع لسهول البطانة وولاية الجزيرة بعد شهر ونصف تقريباً من إعلان كيكل الانضمام للدعم السريع، كما أن وجوده على راس القوة التي نفذت هذه المهمة منح الدعم السريع ثوب القومية وجعل السكان في الجزيرة يتقبلون وجود هذه القوات بينهم نوعاً ما، واعتقد أن انسحاب كيكل الآن يفقد الدعم السريع ميزة القومية المهمة جداً له، كما أن المعلومات التي يعرفها كيكل ستشكل ذخيرة استخباراتية مهمة للجيش مهما حاول الدعم السريع التقليل من أهميتها، معلومات عن أعداد القوات وطرق توزيعها ومن على قيد الحياة ومن مات، معلومات عن من يتواصل مع الدعم السريع في الداخل والخارج ، وخطورة هذه المعلومات هو مربط الفرس الذي يجعلني أتسال هل عاد كيكل لأن مهمته انتهت أم أعيد لأنه لم ينجح وقرر الجيش سحبه كنوع من الاختبار والعقوبة والحريق.
لتقيم مهام كيكل التي كان يجب أن يقوم بها للجيش، سنضع افتراضين الأول أن كيكل زرع من أول يوم من انضمامه ليوفر معلومات من الداخل وكذلك ليغري الدعم السريع بالتمدد لسهول البطانة على الأقل، أو ولاية الجزيرة كلها، لتتوزع القوة المتكتلة في الخرطوم ويسهل قتالها على الجيش الذي يفتقد للمشاة، في الجزء الأول من المهمة_توفير المعلومات_ لا أستطيع أن أجزم بنجاح كيكل أو فشله فاستمرار سيطرة الدعم السريع ونجاحه في الوصول إلى مناطق جديدة بعد انضمام كيكل يمكن أن يرجع إلى أسباب كثيرة منها عزلهم لكيكل عن مصادر المعلومات المؤثرة بحكم انتسابه الحديث لهم، أو ربما هو إجراء متبع للكل إذ لا يعلم قائد المنطقة إلّا ما يليه، وهنا جاءت المهمة الثانية سحب الدعم السريع إلى خارج الخرطوم وفعلها كيكل، وكان السقوط الصادم للجزيرة، نجح كيكل في السحب ولكن فشل السحب في تخفيف الضغط عن الخرطوم، بل فتح شهية الدعم السريع ليتمدد في مناطق ربما لم يكن يحلم بها، وهنا يقفز السؤال إذا كانت هذه الخطوة مرتبة بين الجيش وكيكل لماذا تناثرت الاتهامات بالخيانة لقائد الفرقة؟ لماذا وضع البراؤون في تاريخهم هذه السقطة العسكرية حتى لغبوا (الفحاطون) ؟ وماهي المعلومات التي فرضت هذه التحرك وجعلت الجيش يظن أنه سيخفف الضغط على الخرطوم؟ كل هذه الأخطاء تقول إن هذه الخطة لم تكن مرتبة ولكن ربما كانت محاولة من الجيش للاستفادة من المستجدات وعندما فشلت بحثوا عن مبررات.
أنا أميل وارجح أن تفاهم كيكل مع الجيش حدث في الآونة الأخيرة ولا أبالغ إذا قلت أن نداء حميدتي في خطابه الأخير بتبليغ الوحدات كان المقصود به كيكل بشكل مباشر، هذا النداء سبق فرار كيكل بأسبوع وأعتقد أن كيكل كان يجري تفاهمات ولقاءات مع الوسطاء من أهله والعسكريين من الجيش وكان يحتاج للسرية التي تجنبه انكشاف أمره وعجز الدعم السريع عن التواصل معه، عاد للظهور مرة أخرى قبل معركة الفاو ليبدد الشكوك ويؤدي مهمته في سحب بعض قوات الميليشيا ويقلل من تمركزاتها في نقاط معينة في الغالب اتفق مع الجيش عليها، ليسمح للجيش باختراق هذه القوة وهزيمتها، وفشل كيكل في مهمته ولم تستجب القوات لأوامره مما أفشل خطة الهجوم التي كانت تقوم على نجاح كيكل بما أن الدعم السريع لم يخسر المعركة ولا يوجد سبب لمحاسبة كيكل فهل كان هروب كيكل مهماً لإنقاذ حياته؟ ربما تصرف كيكل بشكلاً جعله مثار شك عند الميليشيا وتأكد أنه كُشف، وإذا كان هروب كيكل أجباري خوفاً على حياته لماذا لم ينتظر الجيش ويخفي كيكل حتى يستفيد من المعلومات التي يحملها دون أن ينتبه الدعم السريع فيسارع لتغيير ما يمكن تغييره؟ عندما تمتلك جاسوس أو عميل في موقع مهم ستفعل كل شيء لحمايته من الانكشاف أو الاستبدال من قبل عدوك وفي الوضع الحالي في ظل استمرار الحرب لا يوجد أهم من قائد فاعل وسط قوات العدو، فما الأمر الجلل الذي جعل الجيش يسحب كيكل؟ هل فشله في المهام الموكلة اليه وتسببه في خسارة للجيش في محور الفاو جعل الجيش يشك في ولاءه أو على الأقل في جديته في تأدية مهامه؟ فسحبه الجيش وحقق نصر معنوي وإعلامي وضحى بما كان من الممكن أن ينجزه كيكل عسكرياً واستخباراتياً ؟ عندما أمر الجيش كيكل بالهروب وضعه أمام اختبار ليكتشف هل سيستجيب أم سيرفض اذا رفض إذن هو لم يكن عميلهم، بل كان يسرب لهم معلومات خاطئة، وبنشر انضمامه للجيش سيجعل الدعم السريع ينقلب ضده و يكشف ماخفي على الجيش، وإذا كان الجيش لم يستطيع الاستفادة من كيكل فعلى الأقل سيجعل الدعم السريع يخسره، والآن يستعد الدعم السريع لنسب كل الجرائم التي تمت في الجزيرة لكيكل باعتباره كان يعمل ضدهم ويستعد كيكل لتقديم الأدلة على جرائمهم، و قبل أن نحمل كيكل كل الفشل الاستخباراتي سنعود للوراء قليلاً ظلت تتسرب للجيش معلومات عن تناقص أعداد الميليشيا وهروبهم وانسحابهم من مناطق معينة وبناءً على هذه المعلومات تحرك الجيش في عدة محاور وسقطت متحركاته في كمائن وسحقت هذه المتحركات، اذاً السؤال هل هذا فشل استخباراتي للجيش أم أسلوب قتالي للدعم السريع؟ يقوم الدعم السريع بإخفاء قواته عن عمد ويسرب هذه المعلومة الكاذبة ويدعمها بالمظاهر على الأرض وبما أن أول بديهيات العمل العسكري هو التحرك حسب المعلومات يتحرك الجيش وفقاً لما توفر ويساق للفخ وذلك يعني أن الدعم السريع هو الذي يوجه تحركات الجيش حتى لا يتحرك الجيش تحرك غير محسوب و من الممكن أن يتفوق فيه على الدعم السريع.
وهنا يأتي السؤال العظيم
*من يقود الدعم السريع*
في ظني وكما أكرر دائماً أن من يقود الدعم السريع هم مجموعة مستشارين عسكريين وسياسيين غير سودانيين وفي الغالب غير عرب أيضاً، استفادوا من طبيعة الدعم السريع وأسلوبه القتالي وهيكليته وصمموا سياسة للحرب تختلف عن ما دربه عليه الجيش السوداني، مما جعل الدعم السريع قوة مجهولة للجيش وفقد الجيش ميزة التوقع المسبق، فمثلاً وليس حصراً كان من المتوقع انقطاع الإمداد عن الدعم السريع في مرحلة ما، وبنى الجيش خطته الدفاعية على هذا الأساس ولكن الإمداد لم ينقطع لأن الجهة التي تقود الدعم السريع وجدت مخرجاً لهذه المعضلة، كذلك طريقة الانتشار، ونصب الكمائن، والمحافظة على المواقع إذا كان الدعم السريع يتبع طريقة الجيش التي دربه عليها لما صمد لشهر واحد فالجيش سيكون سابقه بخطوة دائماً، ومن السذاجة اعتبار الإمارات هي الفاعل الرئيسي في هذه الحرب نعم لها دور ولكنه محدود ولا يؤثر في كيف تقاد المعارك، هذه المجموعة الاستشارية تجعل من قيادات الأرض مجرد بيادق يسهل استبدالهم ولا يشكلوا وزناً يذكر ، فتجد الدعم السريع يختارهم على أساس قبلي أو على أساس الشراسة وعلاقتهم الإسرية ولا علاقة للأمر بمهارات القيادة البته.