
*شاهيناز القرشي*
وصول هذه المسيرات لبورتسودان من الممكن أن يكون حدث لظروف محددة اهمها عدم توقعها او الاستعداد لاسقاطها وعدم معرفة النوعية التي يمتلكها الدعم السريع ومقدراتها ، وعليه من المفروض أن لا يتكرر هذا الحدث مرة اخرى ، ولكن هنالك افتراض آخر أن يكون حدث بسبب الاستعداد المناسب من قبل الميليشيا وتجهيز معدات معينة قادرة على التعامل مع طبوغرافيا الشرق وتطوير وتحديث مسيراتها لتتناسب مع المسافة،
في هذه الحالة يكون ماحدث هو عرض تجريبي وما سيأتي بعده سيكون اكثر ثقة في مقدرتهم على الوصول والاستهداف والتدمير، فوصول هذه المسيرات للمطار بشكل محدد وضرب اهداف محددة داخل المطار نفسه يقول أنها ليست بالسهلة ولا البسيطة ، بل هي تمتلك المقدرة على التصوير والتواصل مع القاعدة الارضية لتسقطها في النقطة المحددة ، ولو كانت هذه مسيارات بدائية لسقطت حول المطار او حتى دخل مدينة بورتسودان بشكل عشوائي ، ولكن وصولها لهذه الاهداف هو مؤشر خطير جداً ، ربما نرى في الايام القادمة استهداف لمناطق اقامة قيادات الجيش او المصالح الحكومية، وفي هذه الحالة ربما يكون هنالك متعاونين داخل المدينة لارسال الاحداثيات وتصحيحها بشكل دقيق،
وعليه هذا يضع حكومة بورتسودان في مازق دقيق جداً عن الأسس التي ستتبعها لتحديد من هو المتعاون وكيف ستتخذ اجراءت استباقية للقبض عليهم حتى لا تصل المسيرات لاهدافها؟ وكذلك حساب المسافة التي تستطيع هذه المسيرة قطعها سيحدد هل انطلقت من مناطق يسيطر عليها الدعم السريع أم أنها تحركت من مناطق تحيط ببورتسودان وبها خلايا والتي يبدو أنها ليست نائمة، مع أن هذه المعلومة نفسها من الممكن أن تؤدي لتقديرات خاطئة، ليس بالضرورة أن تطير المسيرة كل المسافة التي تستطيعها بل من الممكن أن توفر الميليشيا مسيرات ذات مقدرات تحليقية طويلة لتخفي أنها تمتلك خلايا على مسافات اقصر .
هذا جانب وهنالك الجانب المحلي والاقليمي الذي يختص بأمن البحر الاحمر الذي يعتبر المنفذ الرسمي للسلع الداخلة للسودان على راسها البترول وكذلك الاسلحة والمعدات العسكرية والطبية فتهديد المنطقة حول الميناء ربما يقود كثير من الدول والشركات للاحجام عن التوقف في الميناء مما سيتسبب في ندرة وانقطاع في الامدادات ، وكذلك أمن البحر الأحمر يهم الدول المشاطئة اهمها السعودية ومصر، والدول التي تعبر تجارتها الى أوروبا من هذا المسار، فوجود اجسام عسكرية تتحرك في هذا الحيز سيحد من حركة الطيران والملاحة وسيرفع كلفة الشحن والتأمين وسيتسبب في تهديد شحنات البترول والتجارة مما سيؤخرها ويرفع كلفتها مما يضر باقتصاديات هذه البلدان، كما فعلتها الحرب مع الحوثيين الذين يخلقون نفس الاضطرابات على مسافة ليست بالبعيدة.
هذا الضربة إذا تكررت ستغير المشهد في السودان بشكل كبير وسيكون للاقليم مايقول بشكل صارم، هذا الوصول لمدينة بورتسودان إذا تكرر حتى دون أن يصيب أهداف ذات اهمية سيؤدي إلى توقف الدخول والخروج من السودان بشكل كامل لامد طويل .