راي

شئ للوطن ــ م.صلاح غريبة – مصر Ghariba2013@gmail.com ــ جذور راسخة: رد على سحابة الصيف السياسية ــ بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

 

 

لطالما كانت العلاقات بين الشعبين السوداني والإماراتي أعمق وأرسخ من أن تهزها “سحابة صيف” عابرة في سماء السياسة. إن ما يربط السودانيين والإماراتيين ليس مجرد مصالح عابرة أو اتفاقيات دبلوماسية، بل هو نسيج اجتماعي وإنساني متجذر، بُني على مدى عقود من التعايش والمحبة والمصاهرة. هذا النسيج، الذي تجسده آلاف القصص الشخصية والأسر المشتركة، هو الحصن المنيع الذي يحمي العلاقة من أي تقلبات سياسية أو حملات إعلامية مضللة.
إن محاولات البعض، عبر منصات التواصل الاجتماعي “ذات الحسابات الخاصة”، لزرع الفتنة ونشر الأكاذيب لا تعكس إلا جهلاً عميقاً بطبيعة هذه العلاقة الفريدة. لقد احتضنت دولة الإمارات الجالية السودانية منذ تأسيسها، ووفرت لهم بيئة كريمة للعيش والعمل، حتى بات أبناؤهم أكثر ارتباطاً بلهجة وعادات الإمارات من وطنهم الأم. وخلال الأزمات، أثبتت الإمارات أنها السند والعون، كما حدث مؤخراً مع الوافدين بسبب الحرب، حيث قدمت لهم يد العون عبر مبادرات إنسانية سخية وإعفاءات مخصصة.
إن الشائعات التي تروج لحرمان السودانيين من وظائف معينة هي محاولات يائسة لتخريب هذا التلاحم. فكل القرارات الرسمية للدولة تصدر عبر قنواتها الموثوقة. ومن واجب أبناء الجالية السودانية في الإمارات عدم الانجرار وراء هذه الأكاذيب، بل الاعتماد على المصادر الرسمية فقط. فالعلاقة بين الشعبين مبنية على الثقة والاحترام المتبادل، ومن يلتزم بقوانين الدولة يعش فيها كريماً مرفوع الرأس.
في خضم هذه الأجواء، تبرز المبادرات المجتمعية لتؤكد أن الروابط الشعبية أقوى من أي خلاف. فقد شهدت الفترة الماضية فعاليات ثقافية واجتماعية أقامتها الكيانات السودانية في الإمارات، شارك فيها أبناء البلدين لتأكيد عمق العلاقة. وهذا ما يجب أن يحدث دائماً: التركيز على ما يجمع لا ما يفرق.
من المبادرات التي تعزز الروابط، تكريم الخريجين رغم غياب بعض الجهات الرسمية، نجح الملتقى الثقافي في تنظيم فعالية مميزة لتكريم الخريجين والخريجات، بحضور ومشاركة فعالة من أعضاء “قادرين”، وهو ما يعكس الروح الترابطية التي تميز هذه الفعاليات. إن هذه المبادرات تؤكد ضرورة التنسيق بين الكيانات السودانية لتجنب التشتت وتقوية أثرها.
هنالك إنجاز تعليمي تاريخي. إتمام امتحانات المرحلة المتوسطة للمرة الخامسة على التوالي يعد إنجازاً تاريخياً للجالية السودانية في الإمارات. هذا النجاح في ظل الظروف الراهنة يبعث رسالة أمل ويؤكد أن العمل الدؤوب والحكمة هما أفضل وسيلة لمواجهة التحديات، بجانب مشروع تعليمي طموح، حيث أعلن النادي السوداني في أبوظبي عن مشروع تعليمي رائد يهدف إلى دعم أبناء الجالية من حاملي “إقامة الكوارث” والأسر المتعففة، لضمان عودتهم إلى مقاعد الدراسة. هذا المشروع، الذي يحظى بدعم القيادة الإماراتية، يجسد روح الأخوة والمسؤولية المشتركة، ويؤكد أن الإمارات كانت وما زالت البيت الثاني لكل سوداني.
هذه المبادرات، وغيرها الكثير، هي الدليل الأوضح على أن العلاقة بين الشعبين راسخة وقوية. إنها ليست مجرد شعارات، بل هي أفعال ملموسة تثبت أن المحبة والاحترام المتبادل هما أساس أي علاقة دائمة.
في سبعينيات القرن الماضي، ومع تصاعد الأزمة السياسية بين الدول العربية ومصر، بما فيها السودان، على خلفية زيارة الرئيس السادات إلى كامب ديفيد وبدء محادثات السلام مع إسرائيل، كنا كطلاب علم في القاهرة بعيدين عن هذا الصراع. لقد واصلنا حياتنا بشكل طبيعي، وبعد انقشاع هذه الأزمة السياسية، استمرت مسيرتنا المجتمعية بلا أي عوائق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى