د.موسى عبدالهادي عبدالله يكتب .. خطاب رئيس مجلس الوزراء . حكومة الأمل المدنية هل هي طوق نجاة الدولة السودانية ــ بعانخي برس
بعانخي برس

خطاب الدكتور كامل إدريس رئيس مجلس الوزراء السوداني حول تشكيل حكومته المرتقبة حكومة الأمل المدنية يمثل لحظة فارقة في المشهد السياسي السوداني فهو خطاب يتجاوز الطابع الإنشائي المعتاد ويقدم رؤية استراتيجية واضحة المعالم تستند إلى مبادئ الحوكمة الرشيدة والعدالة الاجتماعية
من أبرز ما يلفت الانتباه في هذا الخطاب هو تأكيده على أن الحكومة القادمة ستكون حكومة تكنوقراط لا تنتمي لأي حزب سياسي ما يعكس رغبة واضحة في تجاوز الاستقطاب الحزبي التقليدي والرهان على الكفاءات والخبرات المهنية وهو ما يمكن اعتباره محاولة جادة لإعادة الثقة بين الدولة والمواطن خاصة أن هذه الحكومة كما وصفها تمثل صوت الأغلبية الصامتة التي ظلت مهمشة لعقود
الخطاب أيضا يضع محاربة الفساد في صدارة أولويات الحكومة الجديدة وهو ما يعكس إدراكا عميقا بأن الفساد كان أحد الأسباب الجذرية لتدهور الدولة السودانية خلال السنوات الماضية كما أن التزام الحكومة بإرساء قيم العدل والمساواة يعكس توجها نحو بناء دولة القانون والمؤسسات بعيدا عن المحاصصات والولاءات الضيقة
أما من الناحية الهيكلية فقد أعلن الدكتور إدريس عن تقليص عدد الوزارات إلى 22 وزارة فقط عبر دمج بعض الحقائب الوزارية وهو توجه يعكس رغبة في ترشيد الإنفاق الحكومي وتبسيط الهياكل الإدارية بما يضمن كفاءة الأداء وسرعة اتخاذ القرار.
الخطاب أيضا تضمن إشارات ذكية إلى أهمية التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في رسم ملامح السودان الجديد وهو ما يعكس وعيا بأهمية مواكبة التطورات العالمية وتوظيف التكنولوجيا في خدمة التنمية
في المجمل يمكن القول إن خطاب الدكتور كامل إدريس جاء متماسكا في بنيته واضحا في أهدافه واقعيا في تشخيصه لطبيعة الأزمة السودانية وطموحا في رؤيته لمستقبل البلاد وهو ما يجعله خطابا يؤسس لمرحلة جديدة قد تكون بداية لتحول حقيقي إذا ما تم الالتزام بما ورد فيه .