راي

د . سامي ابوالحسن حولي يكتب ..*مصر* … *الحضن الدافئ والارض التي لاتغلق ابوابها* ــ بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

 

د/
*سامي أبو الحسن حولي*

حينما اشتعلت نيران الحرب في السودان، لم يكن أمام السودانيين متسع من الوقت للاستعداد أو حتى التفكير في البدائل.
فجأة وجدوا أنفسهم في مواجهة واقع مرير فقد تحولت الحياة بين ليلة وضحاها إلى دوامة من الفوضى والتشريد فالأموال محتجزة في المصارف والأوراق الثبوتية متناثرة بين المؤسسات المختلفة وجوازات السفر إما عالقة في وكالات السفر أو مفقودة أو منتهية الصلاحية في ظل تحطم المصنع الوحيد .
أمام هذا المشهد القاتم أصبح الفرار من أتون الحرب أشبه بالمستحيل لا سيما مع إغلاق مطار الخرطوم الدولي .

في وقت ضاقت فيه الخيارات أمام السودانيين ورفعت العديد من الدول قيودها أمام اللاجئين كانت مصر وحدها التي فتحت ذراعيها دون قيد أو شرط ،ولم تفرض عراقيل مرهقة حيث لم يطلب من السودانيين سوى جواز سفر في الأيام الأولى للحرب بتسهيلات كبيرة في منح التأشيرة.

كما ظلت القنصلية المصرية في وادي حلفا بقيادة سعادة السفير مصطفى ربيع تبذل قصارى جهدها لتذليل العقبات أمام السودانيين، مقدمة لهم مختلف التسهيلات ويحرص السيد السفير ومجموعته على تسهيل إجراءات المرضى والطلاب واحتياجات كبار السن، وضمان حصولهم على الخدمات دون عناء.
كما ظلت البعثة تعمل بجهد لإستمرار الإمداد الدوائي دون انقطاع،وجهود حثيثة لفتح الخط النهري التجاري الذي يربط مصر بالسودان، لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وتسهيل حركة السلع والخدمات عبر هذا الممر الحيوي ، فالتحية والشكر لسعادة السفير ولكل البعثة المصرية بالسودان .
ان مصر و بحسها العروبي والافريقي والإنساني لم تستقبل السودانين كلاجئين بل احتضنتهم كأشقاء فتحت لهم حدودها وقلوب أهلها.
لم يكن ما حدث مجرد استضافة عابرة، بل امتدادا لعلاقة تاريخية وأخوة متجذرة بين البلدين ولطالما جمعت مصر والسودان روابط الدم والثقافة والتاريخ المشترك ولم يكن السوداني في مصر غريبا يوما ما ،على العكس، وجد السودانيون في مصر الملاذا الامن، وشعروا كأنهم في وطنهم الثاني.
فتحت المستشفيات أبوابها للمرضى دون تمييز والتحق الطلاب بمقاعد الجامعات حتى وإن كانت هناك بعض التعقيدات البسيطة وتسعى السلطات المصرية الي تذليلها.
وفي وسائل النقل و الأسواق والمدارس، وحتى في أبسط تفاصيل الحياة اليومية نجد السوداني يعيش كالمصري دون فرق أو تمييز.

*مواقف لا تنسى*

لم يكن الترحيب مجرد شعارات بل انعكس في شكل مواقف يومية تحكي عنها ليالي القاهرة ، ولم تكن كل تلك المواقف غريبة على المصريين ، فمصر احتضنت من قبل ومازالت ، الفلسطينيين الذين هجروا من أراضيهم والسوريين الذين شردتهم الحرب والليبيين عندما أرهقتهم الأزمات واليمنيين حين ضاق بهم اليمن السعيد.

ما فعلته مصر مع السودانيين ليس إلا صفحة أخرى من صفحات العطاء التي اعتاد عليها هذا البلد العظيم ، ففي وقت كانت معظم الدول تعمل على اغلاق حدودها وتاشيراتها كانت مصر تفتح معابرها ليس فقط بقرارات حكومية بل بروح شعبها الطيب الذي لم يتوان يوما عن تقاسم لقمة العيش مع إخوته.

شكرا مصر حكومة وشعبا لأنك كنت وما زلتي الحضن الدافئ الذي لا يخذل من يلجأ إليه.
شكرا لأنك كنت الملاذ الذي لا يعرف الضيق والسند الذي لا ينحني والبيت الذي يفتح أبوابه لكل محتاج.
شكرا لكل مصري فتح لنا بابه ولكل يد مدتنا بالعون ولكل قلب احتضننا بصدق وحب.
مصر ليست فقط ( أم الدنيا ) بل هي قلبها النابض بالانسانية.

حفظ الله مصر وشعبها المضياف.
23 رمضان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى