راي

دروب الحقيقة _ احمد مختار البيت _ الجُوع والمجاعة في تعريف وزير الزّراعة إنّ شرَّ البلية ما يُضحك _ بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

 

.لم نجد في كتب ومراجع اللُّغة العربية معنىً للّذي يقاسيه السُّودانيون في ديارهم والمشردون في مراكز النّزوح، وفي الشّوارع وفي القُرى غير الجوع، وهو بتعريف بسيط حاجة المرء للطّعام المألوف عند النّاس، ولكن يبدو أن لوزير الزراعة المُنصّب تعريفاً آخر للجوع والمجاعة، لم يرد في كُتب العربية، أو أنّه أراد من ال25 مليون مواطن الذين تهدّدهم المجاعة وتحاصرهم الأمراض والنّفايات والأوبئة والسُّيول أن يصلوا إلى مرحلة (المسغبة) ثُمَّ إلىٰ (الغَرث) ثُمَّ (الطَوى) ثُمَّ (المخمصة) ثُمَّ (الضَّرَم) ثُمَّ (السُّعار) ويبدأون في أكل جُلود الحيوانات الميْتة كما تحدثنا كُتب التّاريخ وسير الحروب، وتبين في وجوهم العظام، ويفترس بعضهم بعضاً من شدّة الجوع والحاجة للطعام، حينها سيُعلن الوزير الهُمام للعالم أن ببلادنا مجاعة، تتطلّب أن يتدخّل المنظمات الإنسانية، كأننا لا نتّعظ من تجارب الحياة القريبة والبعيدة، ولكن قبل أن يصل الحال إلىٰ مراتب الجوع المحدّدة في اللُّغة كما بيّناها في هذه السّطور، فإنّ الوزير وحكومته “الموقّرة” لن تقبل أي تصنيف من أي جهة تُريد أن تُزعزع السّلام، ولكن وزيرنا الضّرغام، لم يقل لنا ماهى مراتب الشّبع التي يعيشها الأنام، والنّازحون واللّاجئون والمشرّدون، والمواطنون وأطفالهم يأكلون الأعشاب وأوراق الأشجار والحشرات ليُسكتوا غرغرة البطون، في أنصاف اللّيالي المظلمة قبل المنام، هل يُريد وزير الزّراعة أن نُعدّد له أنواع الأعشاب والأوراق التي يأكُلها الآلاف من المواطنين بدل الطّعام، من غير شك هو يجهل وجودهم في جغرافية السُّودان، وعلى حكومته أن تهتم بزراعة هذه الأعشاب والأشجار مستقبلاً بانتظام، خُذ عندك، (التّمليكة)، و(المُوليتة)، و(الرّيحان،) و(أوراق التّبلدي)، (أوراق الهجليج،) (أوراق الورق)، (أوراق الكركدي) ومن الحشرات، (الجراد ساري اللّيل)، و(الجراد الصحراوي بالنّهار) و(القبُور في كل أطواره) و(أم سيسبان) وأنواع أخرى يصعُب على الوزير العناية بها، تذكّرت شيئاً ! على السّيد الوزير أن يُخصّص إدارة (خاصة) بالنّمل في الوزارة، لأن بيوت النّمل في بلادنا تقوم مقام صوامع الغلال في أعوام المسغبة، تعجز عنها وزارته، وصوامع الغِلال في القضارف، وبعد .هل يريد السّيد الوزير أن يرىٰ الجوع بالعين المجرّدة، يمشي على قدمين في شوارع المُدن والقُرى البعيدة، ويحدّث النّاس عن البّطون السّعيدة؟
أقول مع الشّاعر:
ماذا لو أنّ شَعْراً ينبت بين شفتين؟ ماذا لو أن الحاجب ينمو تحت العين! حقاً إنّ الإحساس بالمسؤولية لا يُشترى من السُّوق، كما أفصح البروفسير فرج الله وهو يحكي مأساته التّاريخية في دار للمسنين في كسلا..

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى