د، عبدالرحمن عيسي يكتب ..أدركوا النسيج الاجتماعي بين المكونات السكانية داخل ولاية الجزيرة ــ بعانخي برس
بعانخي برس
الحرب لعنة فرضتها ظروف وطنية جعلت السواد الأعظم من الشرفاء بهذا الوطن يُناصرونها، ويدعمون جيشهم من أجل تحقيق النصر المبين..
للحروب دواعي وأسباب عديدة تساهم في إشعال فتيلها، وكما لها مسميات مختلفة. حيث توجد ما يسمى بحرب الدول، وهو عدوان دولة على أخرى كحال حرب الروس والاوكرانيين..
حرب الاستيطان، كحال حرب إسرائيل على فلسطين.
حروب الأديان، وعلى سبيل المثال حروبات الفتوحات الإسلامية سابقاً.
حرب التمرد المطلبية على الدولة، كحال حروبات السودان المختلفة.
الحروبات الأهلية مثل حرب الهوتو والتوتس في رواندا،، وهي الأخطر على المجتمعات إذا لم تُحسن الدول إدارة افرازاتها…
ما يحدث من حرب آنية داخل السودان هي نوع متطور شيئاً ما!!!
إذ أنها بدأت بحالة تمرد قوة عسكرية كانت تتبع للجيش القومي على سيادة البلاد، ومن ثم بدأت تتدحرج كحال كرة الجليد لتأخذ شيئاً فشيئاً طابع الحرب الأهلية فأصبحت مزيجاً ملعوناً بين هذا وذاك.
القوات المتمردة على الجيش ظلت لفترات طويلة سبقت تمردها تغذي نفسها عبر تجنيد العديد من الأفراد على أسس اجتماعية، جغرافية، بالإضافة إلى تغلغلها في مفاصل المؤسسة العسكرية الأم واختلاطها بطريقة الانتداب وتبادل الخبرات وما إلى ذلك من الأدوار العسكرية، مما ترك تعقيدات كثيرة في المشهد، فمن الطبيعي أن يكون داخل البيت الواحد إخوة انتماءاتهم مابين الجيش والقوة المتمردة!!!
من ثم كانت الحرب التي جعلت البقر يتشابه على الكثيرين!!
الكارثة الأكبر كانت في فرض الكثير من المواطنين أنفسهم طوعاً وبإختيارهم لترجيح كفتي القتال، وهو أمر ضاعف تعقيدات المشهد بشكل كبير، حيث أن الانتماءات الأخيرة لجبهتي القتال لم تنتهج منهج الجندية لتكون في ميادين القتال حاملة للسلاح وفقاً لما يرغب كل منهما..
إنما تبنت أدوار العمل الاستخباري ونقل المعلومة، وهو مضمار له قوانينه وخبراته العسكرية التي تتطلب دورات تأهيلية فعالة لتمكين الشخص من القيام به، ولكن أصبح العديد في ظل هذه الحرب يلعب دور رجل الاستخبارت، فكانت شرائح المجتمع المختلفة تمارس دون وعي هذه المهنة الحساسة للغاية!!
عقب دخول المليشيا إلى مدينة ودمدني بأيام برزت في المشهد بعض الفئات الشبابية والتي يمكن وصفهم بأنهم من سواقط المجتمع ومعتادي الإجرام وحتى من قبل دخول المليشيا إلى المدينة.
تلك الفئات لعبت ادواراً سلبية داخل مناطقهم لم يكن الكثير منهم مرغم للقيام بها، ولكن غلبت عليهم شقوتهم فإذدادوا اجراماً على اجرامهم،، فكانوا قوادين لعصابات المليشيا واستخباراتها، ومرشدين لها بشكل واضح لا تغفله العين بغية إحداث الضرر داخل مجتمعاتهم وقد كان!!
وقتها خاطبنا الكثيرين داخل مدينة ودمدني منبهين ومحزرين لهم من على منابر بيوت الله عقب صلوات الجمع وفي الطرقات أيضاً، لأننا كنا نُدرك خطورة صنعهم.
لم يكن حديثنا وقتها لتلك الفئة المجرمة فقط بل ناشدنا الجميع بأن يظلوا مواطنين كما كانوا إذ ان الذين يعملون على ارشاد المليشيا لمنازل جيرانهم وتوضيح صفاتهم لها بغية الاطاحة بهم ونهب ممتلكاتهم أمر سيئ سيكون له ما بعده بكل تأكيد،، وكما أشرنا وناشدنا أيضاً أولئك الذين يعملون على رفع معلومات للطرف الآخر في المواقع الإلكترونية مرفقة بالصور السطحية أن يحزروا ففي الغالب ما كانت معلوماتهم سطحية مبنية على مشاهد عرضية ربما تكون هناك ظروف خلفها لا يعلمونها!! بالإضافة إلى انعدام خبرتهم في هذا المجال، إلا إنك تُسمع إذ ناديت حياً، ولكن لا حياة لمن تنادي!!!
اقحم الكثير من أبناء مدينة ودمدني أنفسهم في دائرة الانتقام والانتقام المضاد، وبفعل صنيعهم فاضت أرواح إلى خالقها منها المذنب وكثير منها البريئ، وكما يُقال :
إطلاق سراح ألف مذنب خيراً من أن تقتل نفس واحدة بلا ذنب..
ولله تعالى قوله (من قتل نفس بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعاً…)
من المعلوم أن هذه الافرازات السيئة ستترك شرخاً كبيراً داخل مجتمعات الجزيرة بشكل عام، وودمدني على وجه الخصوص، وهو أمر يتطلب من العقلاء ورموز المجتمع تداركه لا المرور عليه ظناً بأن الجميع يباركه فهناك من يستشيط غضباً وتغلي دواخله غبناً على قتل أخيه أو إبنه أو أو، ولكن تغلبه حيلة التشفي والانتقام وحتماً إذا سنحت له الفرصة فعل!!
لذلك وجب تفاعل كافة الأدوار المجتمعية ورجالات الدين والقانون… أن يقفوا وقفة حقيقية لإخراج مدينة ودمدني وأهلها الطيبين من دوامة الفتنة والغبن هذه، بدلاً من صمت القبور ومحاولة تغطية النار (بالقش الناشف) ولابد من تعزيز تماسك اللحمة الوطنية بين أبناء الوطن الواحد.