
تاج الأصفياء عبد المنعم
في الوقت الذي تُشكِّل فيه وسائل الإعلام الرسمية جسراً أساسياً للتواصل بين الحكومات والمواطنين، يبرز غيابها المُلفت في ولاية الجزيرة كظاهرة تستحق التوقف والتساؤل. فخلال متابعتي للعديد من البثوث المباشرة (اللايفات) التي ينشرها نشطاء على منصات التواصل الاجتماعي، خصوصاً الفيس بوك، لاحظتُ ظهور والي الولاية بصورة متكررة، سواء عبر الصوت أو الصورة، لكن ما أثار استغرابي هو الغياب التام للإعلام الرسمي التابع للولاية عن تغطية هذه الفعاليات أو نقل نبض الشارع، رغم أن هذا الدور كان سمة مميزة للإعلام الحكومي في السنوات الماضية.
لا يُنكر من عاصر الإعلام الرسمي للولاية في السابق أنه كان يزخر بكوادر إعلامية متميزة، تمتلك المهارات المهنية والقدرة على نقل الصورة بكفاءة. كان هؤلاء الإعلاميون حاضرين في كل زيارة رسمية للوالي، يرصدون التفاصيل، وينقلون انطباعات المواطنين، ويعكسون جهود المسؤولين في تطوير الخدمات ومتابعة الملفات. كانت تقاريرهم تحمل توازناً بين نقل إيجابيات العمل الحكومي وطرح الأسئلة الصعبة، مما عزز ثقة الجمهور في الإعلام الرسمي كمصدر موثوق للمعلومات.
اليوم، يُختزل دور الإعلام الرسمي في الولاية إلى مجرد بيانات مقتضبة أو منشورات شكلية، بينما تُترك الساحة بالكامل للنشطاء الاجتماعيين، الذين يسدون فراغاً مؤقتاً، إلا أنهم يفتقرون في بعض الأحيان إلى المهنية والموضوعية.
فالبثوث المباشرة التي ينشرها هؤلاء الناشطون، رغم أهميتها في تسليط الضوء على بعض الأنشطة، تخلط بين الرأي الشخصي والحقيقة، وتفتقر إلى التغطية الشاملة التي تضمنها وسائل إعلام مؤسسية مدربة.
هذا التحول يطرح تساؤلات عديدة: هل يعود غياب الإعلام الرسمي إلى عدم تواجد أهل الاختصاص بمدني ووجود المحسوبية بالاستعانة بمن هم أصحاب الحظوة من المحسوبين على الإعلام؟
فمن الضروري أن يعود الإعلاميون الميدانيون إلى الصدارة وينقلوا هموم المواطنين مباشرة دون حواجز.