صعق هارون أدم يعقوب عندما علم أن الإدارة الامريكية قد رصدت جائزة قدرها خمسة مليون دولار لمن يدلي بمكان اختفائه. أصابه الذهول والحيرة. سَكرَ جواله ورماه في بئر عميقة. أخفي نفسه ولم يكلم أنسياً منذ ذلك التاريخ. وعندما بدأ الذهول يتلاشى منه بمرور الأيام بدأ يتسأل لماذا يريدون القبض علي.. أنا لم أحمل البندقية ولم أقذف دانة ولم أقتل .. أنا فقط منسق ومدير لتمويل العمليات … لكن خمسة مليون دولار دا مبلغ كبير .. معقولة يا جماعة … خمسة مليون دولار عشاني أنا .. أنا المغبش الشين دا بخمسة مليون دولار .. معقولة يا شيخ بايدن .. حسه يا شيخ بايدن المخابرات الأمريكية ما عارفة مكاني .. لكن دعوني أستفتي مراتي حواء أم العيال ، انها امرأة ذات حكمة.. أمكن أجد عندها حل.
ونادي زوجته حواء: حواية يا حواية .. أم العيال أرجو أن تفتوني في أمري.
صكت حواء وجهها وتبسمت عندما سمعت مبلغ خمسة مليون دولار. ملأ الطمع الشديد قلبها .. فكرت في الأمر عميقاً ودبرت المكيدة .. ثم قالت:
– يا زول خمسة مليون دولار عديل كدا .. كنجالات عديل كدا .. حسه يا هارونة أنت بتسوي خمسة مليون دولار.
غضب هارون وقال لها: ما تضحكي علي .. شوفي لينا حل.
صكت حواء وجهها مرة ثانية وقالت: ما كنت قاطعةً أمراً حتي تشهد القبيلة ..لابد أن نشاور القبيلة.
وجمعت الجوامعة والحوازمة وقالت لهم يا أيها ٱلۡمَلَؤُاْ أُلۡقِيَ إلي هارون كتاب كريم .. فيه خمسة مليون دولار .. أنه من بايدن وأنه رئيس دولة عظيم… فقال لها الجوامعة والحوازمة : نحن أولو قوة وأولو بأس شديد .. نحنا ناس دواس عديل.. لكن أمريكا دي بنخاف منها .. كروز وتوما هوك أقرب الينا من حبل الوريد. أبعثي له بهدية يفرح بها.
صكت حواء وجهها ورجعت غاضبة ومهددة لهارون.
– أسمع يا راجل ربنا يعيش المساكين من المجانين .. الدولارات دي نحنا أولي بيها ..
– يعني شنو!!
– فقالت له يعني نحنا نبلغ عن مكانك ونقبض الدولارات يا فردة.
– أنت مجنونة ؟
– أسمع يا راجل لو نحنا ما بلغنا الكلب الأعور حا يبلغ عن مكانك ويشيل الدولارات لنفسه ويبقي قندولي.. خليك عاقل .. أولادك أولي بيها.
نشيل الدولارات ونمشي سان فرانسيسكو .. نبحبح شوية ونستثمرها ليك ولما تخرج وترجع من لاهاي نرد ليك الخمسة مليون دولار.
عجبت الفكرة هارون ورضخ بين طمع وخوف. وقال لها: موافق يا حاجة.
– تمام يا أبو العيال .. أنت تمشي لاهاي وأنا بنوم براي.
فرحت حواء بمكيدتها.. أتصلت بالكرزاي طائع مطيع حمدوك تسأله كيف تصل للمخابرات الأمريكية.
أتصلت حواء بالمخابرات وقالت أنها ستتصل بزوجها هارون وتدعوه لقضاء ليلة دفيئة بجانبها ثم تخبرهم بمكانه.
فرح جيك سوليفان وعقد البيت الأبيض اجتماعاً طارئاً حضره لويد أوستن بمثانته المنتفخة وسلس بوله في بنطاله. وأستمر الاجتماع حتى الصباح في انتظار مكالمة حواء بعد قضاء ليلة دفيئة.
وفي الصباح قبضت حواء مبلغ الخمسة مليون دولار وذهب هارون للاهاي، وظهر في المحكمة ببدلة كرستيان ديور وكرافتة جورج أرماني بدلا عن بدلة سفاري المعفنة التي كان يرتديها. وصارت تأتيه في غرفته كل صباح الممرضة الهولندية الشقراء أنجيلا لتقيس له ضغط الدم ومقاومة السكري وتقدم له الأكل الصحي ومواعيد التمارين الرياضية. أبيَض لون هارون وزالت غبشته ونمت خدوده.
وبعد خمسة وعشرون سنة انتهت الفترة الأبدية وخرج هارون من السجن.
ذهب هارون يبحث عن زوجته وقيل له أنها سافرت كابول. وذهب الي كابول وقيل له أنها تزوجت مجاهد أفغاني من بيشاور وأنجبت له سبعة أولاد يعملون في تجارة المخدرات.
غضب هارون من خيانة زوجته ومكيدتها وذهب شاكيا لمحكمة الملالي بكابول مطالبا بالاتي:
– أبطال زواج المتهمة من المجاهد الأفغاني ab initio
– اعلان أبناء المتهمة من المجاهد الأفغاني بأنهم غير شرعيين،
– استرداد مبلغ الخمسة مليون من المتهمة.
نظرت محكمة الملالي الكبرى في قاعة أفيونستان في الدعوي المقامة وقررت الأتي:
“وفقا لفقهاء السنة يحق للزوجة الزواج من راجل أخر اذا غاب عنها زوجها سبع سنوات وذلك اتقاء للفتنة. أما في فقه الزيدية والاثناعشرية ففترة الغياب سبعة أيام فقط حتي يكون زواج المتعة consistent & sustainable. ووفقا لفقهاء حماستان وكيزانستان السودان ففترة الغياب صفر حتى تتمكن المرأة من تلبية حاجاتها وأشواقها دون حواجز وموانع فقهية.
وحيث أن المتهمة قد أوفت بالفترة المطلوبة وفقا لكل المذاهب الفقهية والملل والنحل، فتري المحكمة أن الزواج صحيح وشرعي. وعليه تصدر القرار الأتي:
– تعزيز وتعضيد زواج المتهمة من المجاهد الأفغاني،
– مصادرة مبلغ الخمسة مليون دولار لخزينة الجهاد ضد الشيطان الأكبر،
– مصادرة أبناء المتهمة من صلب الشاكي لمصلحة الجهاد الأكبر.
وهذا الحكم أية للعالمين ومن آمن من المسلمين والمتقين.”
الملا ضعيف سجمان
رئيس الدائرة