
كل المؤشرات تدل على ان مدينة المناقل باتت على عتبات كارثة صحية ماحقة ما لم تتخذ التدابير الناجعة و العاجلة ، بعد أن إنتشر مرض الكوليرا بشكل مضطرد و تزايد مخيف ، إذ وصل عدد المصابين إلى اكثر من تسعين مصابا خلال ثلاثة أيام فقط ، الأمر الذي أثار الخوف و الذعر وسط سكان المدينة ، أصبح الجميع ينتظر مصيرا مجهولا و يتخوف من ان يتحول المرض إلي وباء قاتل ،
سكان المدينة عاشوا تجربة مماثلة في خريف العام 1999م عندما اجتاحت وباء الكوليرا المدينة و أنتشرت بسرعة لتشمل كل أحياء المدينة و مخلفة عدد كبير من الوفيات ، كانت سرادق العزاء منتشرة في كل أحياء المدينة ، و كان في كل بيت من بيوتها مريض مصاب بهذا المرض اللعين ، الذي يتسم بسرعة الإنتشار و قصر فترة حضانة الميكروب داخل الجسم الذي يستمر لساعات قليلة فقط .
خوف السكان مبرر لمعرفتهم التامة عن عجز سلطات المحلية عن القيام بمهامها و واجبها تجاه المواطنين خاصة توفير الخدمات الصحية الاساسية ، و كذلك تردي المرافق الصحية ، على الرغم من ان مستشفى المناقل التعليمي يعتبر اكبر مرفق صحي بالمحلية لكنه يعاني من تدهور مريع في كل المناحي خاصة تردي البنية التحتية ، دمار شبكة الصرف الصحي ، إنتشار الأوساخ و النفايات الطبية التي تحولت إلى حاضنة مثالية للجراثيم و مستوطنة لتوالد الذباب و الباعوض و الجرذان ، يالتالي أصبحت مصدرا لكل الامراض .
رغم التدابير الوقائية التي إتخذتها إدارة الشئون الصحية ورغم إجتهاد و مثابرة الدكتورة نهلة عبدالمنعم ومديرة الشئون الصحية بالمحلية و طاقمها التي تبذل جهود جبارة للحيلولة دون خروج الوباء عن دائرة السيطرة , إلا أن الأمر يبدو اكبر من إمكانيات المحلية المتواضعة و إنه يحتاج لتدخل عاجل من وزارة الصحة بالولاية و تضافر جهود أبناء المناقل بالداخل و الخارج ، يجب التدخل اليوم قبل الغد لأن الأمر إذا خرج عن السيطرة و الإحتواء سيكون الجميع أمام كارثة صحية لا يعرف مداها إلا الله .
مواطن المناقل المغلوب على أمره المطحون بويلات الحرب لن يستطيع تحمل فاتورة أي كارثة صحية فهو ينطبق عليه المثل الشعبي ( كان في البير ، وقع فيهو فيل) ، على الجهات المعنية التدخل الفوري للحد من إنتشار المرض قبل أن يتحول إلى وباء ساحق و ماحق ، المستشفى يحتاج بصورة عاجلة لتوفير المحاليل الوريدية و الأدوية المعالجة و توفير المزيد من الكوادر الطبية بعد اصابة عدد كبير من الأطباء العاملون بالمستشفى بالمرض ،
أيضا يحتاج لتوفير مزيد من مراكز العزل الصحي بعد أن ضاقت عنابر المستشفى بالمرضى ، لذلك المطلوب من أصحاب المراكز و المستشفيات الخاصة مغادرة خانة التفرج على تداعيات الكارثة و إن يكونوا ضمن الجنود الذين يتصدون الأن لمواجهة المرض اللعين ، أقل خدمة يمكن تقديمها هي المساهمة في توفير المحاليل الوريدية و العقاقير المعالجة للمرض ، لأن ذلك يدخل في صميم مسؤوليتها تجاه المجتمع .
أيضا المطلوب من منظمات المجتمع المدني الإنخراط في حملات التوعية و التثقيف الصحي حول المرض ، لأن الوقاية من المرض تمنع إنتشاره و تساعد في القضاء عليه ، على جميع المواطنين أن يكونوا عند خط المواجهة أن يتحملوا مسؤوليتهم تجاه مدينتهم ، لأن القضية اكبر و أكثر جدية لأن تترك للمسؤولين وحدهم لمواجهتها و وضع الحلول لها . الجميع يجب أن يكونوا شركاء في تصدي للكارثة.