
مصطفى هاتريك
الشاعر مصطفى سند عبقري الشعر السوداني حكيم المعنى و الوزن و القافية… كتب في البحر القديم
(بيني وبينك سكّة السفر الطويل
من الربيع الي الخريف
تعلو قصور الوهم أنت
ومرقدي في الليل أتربة الرصيف
هم ألبسوك دثار خزّ ناعم الأسلاك
منغوم الحفيف
ودعوك تاج العزّ فخر العزّ مجد العزّ
شمس العزّ عزّ العزّ
صبّوا في دماك
عصارة الكذب المخيف)
ولعل علو (قصور) الوهم و إلباس أو لباس دثار العز الكاذب من أكبر مشكلات المجتمع السوداني التي أدت إلى ما نحن فيه من حالٍ لا يحتاج توضيح و إن عازه التفسير.
ذات الحبيب (مصطفى سند) قرأت له طرفة كتبها في إستراحة كان يحررها بجريدة الصحافة أو الأيام لا أذكر
يحكي فيها أنه لم تكن له علاقة بكرة القدم و أضطر تحت إلحاح بعض الأصدقاء و زملاء العمل في منطقة ما نقل إليها موظفا قياديا أن يكمل فريق الهيئة التي كان ينتسب إليها حينها، يقول رحمه الله: (لم أكن أدري حينها ما وظائف الملعب، المهم فور دخولي تم تنفيذ ضربة ركنية و أنا بداخل منطقة الخصم أحسست بأرتطام شي ثقيل برأسي ثم سمعت صياحا عاليا دخلت بعده في إغماءة علمت بعدها أني قد أحرزت هدفا رأسياً رائعاً… و كانت أول و آخر مرة). الشاهد في هذا أن عبقرينا الراحل مصطفى سند لم يدعي يوما أنه كان لاعبا عظيما بل دون إعترافه هذا على سبيل الطرفة… ولكنه بقي شاعر السودان العظيم فذاك ما خلق له و يسر و حفظ و دون، والتاريخ يحفظ فقط الأهداف التي أحرزت بعمل الفريق.
كثيرون هم من يدعون أنهم الأول و الأفهم و الأقوى و الأكثر شجاعة و الأنبل مواقفا… لا يتوانون لأجل ذلك عن تقليل جهد غيرهم و تصغير شأنهم… فسيادة فلسفة الندرة مرض متفشٍ بكل أسف في مجتمعنا فالحلاق مثلا لابد أن يحدثك كيف أن الذي سبق و حلق لك ( بشتن) شعرك.،. و الميكانيكي لابد و أن يحدثك أنه لولا عناية الرحمن و مجيئك إليه… لتسبب لك الميكانيكي السابق في كارثة… ويزيدون كيل تنمرٍ على ما يدعون أو كما قال الفاضل سعيد ( نحن كدة).
و الفاضل سعيد و هو من الرواد الأوائل في الدراما السودانية لم يسلم من ( نيوب) المتنمرين، سمعت أحدهم يحدثنا عن ( الأفورة Over acting) في أدائه و ليت المتحدث كان من المتخصصين.
الحرب الدائرة الآن و التي يدفع فاتورتها الأبرياء من المواطنين يزيد وقودها ذات الأساتفة ( نسبة إلى ستيف أوستن بطل المسلسل الشهير) فيوزعون صكوك الوطنية ذات اليسار و ذات اليمين و يجعلون أنفسهم وحدة للقياس داخل قصور أوهامهم و يتنمرون إذا رأيت ما لا يرون و بتنمرهم يفضون كل جمع لو كانوا يعلمون .