
وترجل أسطورة الفن السودانى
* لم يكن الموسيقار الاستاذ محمد الامين فنانا عاديا ، بل كان ثورة متقدة وكتلة من المشاعر تتفجر فى اوساط معجبيه، أمتلك ناصية الإبداع بكل ما تحمل المفردة ، أنه فلسفة خاصة وظاهرة متفردة ذات منهج مشبع بعبارات الفنان المتكامل، المستمع لأبواللمين كما يحلو لمعجبيه يدرك قيمة تطريبه العالى ، فقد كان ابواللمين يتغنى لنفسه قبل عشاقه ، والشاهد على ذلك فى حفله المشهور ان أوقف طاقم الاوركسترا فجاة(ما هو يا تغنو انتو او أغنى ليكم انا ) ، ترجل الاسطورة عن صهوة الحياة بعد رحلة طويلة مع المرض بالولايات المتحدة الأمريكية.
* كسر ابواللمين القاعدة التى تقول ان عقل الرجل يواجه صعوبةً أكثر في الانتقال من مرحلة التفكير إلى مرحلة المشاعر عنه في عقل المرأة، فقد ساوى بينهما فى حركة المشاعر والعزف على الاوردة والشرايين مع اضطراب القلوب وتوهانها، استطاع بفنه الراقى الانتقال بالمتلقى الى عوالم العشق والشجن فى اسمى مراحلهما، صنع لنفسه مكانة خاصة لم ولن يصل لها أحد سواه ممن سبقوه ، اضف الى ذلك ان ابواللمين يعتبر من المجددين فى الغناء الحديث بجانب انه تعدى باغنياته حدود المحلية، لذلك يعتبر أسطورة بكل المقاييس.
* تغنى ابواللمين ابن حى ود ازرق بمدينة ودمدنى التى شهدت صرخة ميلاده فى العام ١٩٤٠م للعديد من الشعراء منهم على سبيل المثال لا الحصر الشاعر محمد جبارة فى اغنيات لقاء وعهد ، انا وحبيبى التى يقال انها فجرت موهبة ابواللمين فى أواخر ستينيات القرن الماضى وأغنية الشباك ، كما تغنى للأستاذ فضل الله محمد اغنيات الجريدة وأربعة سنين ، الحب والظروف ، الموعد ، زاد الشجون ، وطريق الماضى ، وتغنى ابواللمين للأستاذ الكبير هاشم صديق الملحمة وحروف اسمك وهمس الشوق وكلام للحلوة، وتغنى للدكتور عمر محمود خالد اغنيات حلم الاماسي وخمسة سنين ، وابدع ابواللمين مع الشاعر الفذ إسحق الحلنقى فى اغنيات غربة وشوق ووعد النوار وبتتعلم من الايام ، وشكل ابواللمين ثنائية مع الشاعر الثورى محجوب شريف فى اغنيات مساجينك والسودان الوطن الواحد ، وتغنى للشاعر صالح عبدالسيد باغنيات بدور القلعة كما تغنى للشاعر صلاح حاج سعيد اغنيات نرجسة ويا جميل يا راءع، وتغنى للشاعر محمد الحسن اغنية مراكب الشوق ولابوامنة حامد وخليل فرح وغيرهم من الشعراء ، وتغنى ابواللمين للشاعر نزار قباني فى اغنية تقولين الهوى.
* لم ينسي ابواللمين ارتباطه بمسقط راسه ودمدنى وعلاقته باسرة صديقه الراحل محمد مسكين ، وتظل اغنية مالو اعياه النضال بدنى وروحى ليه ليه مشتهية ودمدنى من الاغنيات الخالدة فى خارطة الاغنية السودانية ، احب ابواللمين جمهوره الممتد بين ألف ونون السودان وعبر بهم لعوالم خاصة فى قداسة الفن والتطريب .
* من الملاحظ اللونية الخاصة لاغنيات ابواللمين على سبيل المثال اغنية زاد الشجون التى لو تغنى بها فقط لكفته، وتعتبر زاد الشجون من الاغنيات الرومانسية المعتقة والمشبعة بالاحساس مثلها وبتتعلم من الايام التى لم يستطيع ابواللمين كبت دموعه عند ادائها لذلك كانت سيطرت ابواللمين محكمة لعشاقه وتقييده لهم عند الاستماع ، يجعل ابواللمين آلة العود تتحدث قبل ان ينطق بمخارج كلمات الاغنية بجانب انه يتمتع بتركيز عالى مع الاوركسترا ولا يتوانى ولا يجامل فى الخطأ، احترم ابواللمين الذوق العام واحترم اداءه واحترم كل ما يحيط بعوالم الموسيقى لذلك تضاف هذه النقاط لتميزه وتفرده.
* سيظل مكان ابواللمين فى قلوب محبيه رغم رحيله عن الفانية لانه اسس باروع ما يكون لنفسه فى خارطة الاغنية السودانية ، ونسأل الله العلى القدير أن يحسن وفادته ويكرم نزله فى اعلى عليين…