الدعم السريع… هل هو حقا مجرد مرتزقة ؟ _________________________ ✍ آدم آدم إساي بعانخي برس
بعانخي برس

الدعم السريع… هل هو حقا مجرد مرتزقة ؟
_________________________
✍ آدم آدم إسا
التعبئة العرقية المتزايدة يمكن أن تؤدي إلى حرب اهلية شاملة.
وحدة السودان بأت الأن في محك .
يجب أن لا يترك امر حسم الحرب للعسكر فقط.
تكوين جبهة مدنية مناهضة للحرب اصبح الأن فرض عين .
………………………..
في خطابه أمس الذي وجهه للشرطة السودانية من مدينة بورتسودان ، شدد الفريق البرهان بأن الحرب التي تدور رحاها الأن سوف تؤدي إلى تفتيت السودان إذا لم يتم حسمها سريع ، لكنه لم يوضع الطريقة التي ستتم بها الحسم !! هل عبر التفاوض ام الحسم العسكري ؟ مهما يكن من الأمر أن الجميع قد توصل إلى يقين بان هذه الحرب العبثية ليست كمثيلاتها من الحروب التي شهدها السودان من حيث تعقيدها و تأثيرها على عصب مجمل الاوضاع الأمنية ، الإقتصادية ، السياسية ، الإجتماعية ، لكن برايي أن اخطر ما في هذه الحرب هي أنها منذ يومها الاول بدأت تضرب بقوة في نسيج التماسك الوطني و أصبحت تنحو نحو الحرب الأثنية و الجهوية المدمرة و إذا لم يتم إدارتها بحنكة و مسؤولية ربما تتحول إلى حرب الكل ضد الكل ، ما عزز مخاوفي بهذا الشأن هو سيادة و شيوع خطاب الكراهية و التخوين على أساس العرق و الجهة ،
حتى خطاب قائد و رئيس مجلس السيادة لم يخلو الهمز و اللمز حين قال أن الجيش السوداني يواجه قوات من المرتزقة أتوا من دول شتى ! هذا النوع من التصريحات من غير المعقول أن تصدر من قائد الجيش الذي كان الفريق حميدتي قائد قوات الدعم السريع نائبا له ، مثل هذا الخطاب من المقبول أن نسمعه من رجل الشارع العادي لكن أن يقوله قائد الجيش فهذه كارثة بكل المقاييس ، السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو كيف سمح البرهان بأن يكون من هو مشكوك في سودانيته نائبا له ؟ كيف سمح الجيش بتدريب عناصر _ مرتزقة_ داخل السودان و خاصة داخل ولاية الخرطوم ، و أسس لها اكثر من خمسة عشرة معسكر ؟ و لماذا غضت الطرف عن تمدد هذه القوات داخليا و خارجية ، و تبني إمبراطورية إقتصادية و تصير قوة ضاربة و تناطحها في كأفة المجالات ؟ لذلك نرى أن إنتشار مثل هذا الخطاب يضر بالأمن بسمعة السودانية و يهدد امنه القومي .
من هنا نشير إلى خطورة تصنيف مجموعات سودانية محددة و وصفها بالمرتزقة و سلب حقها في المواطنة المتساوية ، فقط لوجود إمتدادات عرقية لها مع دول الجوار ! أو لدعم بعض افرادها لقوات الدعم السريع ، كأن هذه جريمة يستوجب العقاب الجماعي على أساس العرق و الجهة ! ، من المعلوم أن نظام البشير هو الذي إبتدع فكرة تأسيس قوات حرس الحدود التي أصبحت تعرف فيما بعد باسم الجنجويد ، هذه القوات كونتها الإستخبارات العسكرية السودانية بمعاونة موسى هلال زعيم المحاميد ، هذه القوات تكونت بالاساس من القبائل العربية بدارفور لتستخدم ضد المجموعات الإفريقية ، و هذه المجموعات لها إمتدادات عرقية راسخة في تشاد ، إفريقيا الوسطى ، و لها وجود غير مؤثر في ليبيا و النيجر ، و تربطها علاقات متينة مبنية على التعاضد العشائري و الاسري ،
لذلك يصعب التميز بين من هو تشادي و من هو سوداني ، اظن أن مثل هذه العلاقات لن تكون غائبة عن الإستخبارات العسكرية التي صنعت الجنجويد و أيضا هي حتما مدركة لمثل هذه الخطوة الكارثية ، لأن بناء و ترتيب و تسليح أي مجموعة قبلية حدودية هو خطر كارثي يهدد الأمن القومي فى اي بلد ، لذلك أي حديث الان عن ان قوات الدعم السريع كلها مجرد مرتزقة عابرة للحدود هو حديث سطحي و غير موضوعي ، يعتبر هروب من مواجهة الحقائق ، و لا يصدر سوى من أفراد يجهلون تماما تاريخ و عمق التداخل العرقي بين السودان و تشاد ، خاصة إقليم دارفور ، الواقع يقر بان الدعم السريع قوات سودانية و تم تكوينها بعلم و مباركة الحكومة م تم وضع قانون خاص بها و تم إجازته بواسطة البرلمان في عام 2017م ، أيضا لا احد ينكر وجود بعض العناصر غير سودانية بين صفوفها و هذه العناصر اغلبها اتت من تشاد و إفريقيا الوسطى ، هذا الأمر معقول لو رجعنا إلى عمق العلاقات و أواصر الدم التي تربط بين المجموعات القبلية التي تمتد بين إقليمي دارفور و كردفان و اقاليم شرق تشاد و وسطها حيث توجد اكثر من ثلاثون قبيلة مشتركة ، و لا احد يستطيع يميز بين أفراد هذه القبائل و يحدد من هو السوداني و من هو التشادي ، من جانب اخر أن وجود عناصر من عرب تشاد و النيجر و إفريقيا الوسطى بين مقاتلي الدعم السريع امر متوقع لأن ثقافة هذه المجموعة قائمة على الفزع ، و هذه الثقافة لا تعترف بالحدود ، فقط تعترف بأواصر الدم و الترابط العشائري .
لا شك في ان إطالة أمد الحرب ستعمق من خطاب الكراهية تهدد وحدة و تماسك السودان ، هذه المخاوف قد حزر منها السيد غيوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة حين ذكر بان التعبئة العرقية المتزايدة يمكن أن تؤدي إلى حرب اهلية شاملة في السودان الأمر الذي يهدد وحدة الدولة السودانية و استقرار المنطقة ، مثل هذه التهديدات الجدية يجب أن نأخذها بعين الإعتبار و نتعامل معها بشكل جدي ، ذلك عبر محاصرة الخطاب العنصري و الجهوي ، و التحشيد الأثني يجب على القوى السياسية و المكونات الثورية أن لا يترك امر حسم الحرب للعسكر فقط لأن قضية الحرب و السلام شأن يخصنا جميعا ، لذلك فإن تأسيس جبهة مدنية _ثورية_للمناهضة إستمرار الحرب أصبح فرض عين على كل ثوري و وطني حريص على وحدة السودان ، لأن الخطر بات يهددنا جميعا .