همسات مصادر
حسن محمدعبدالرحمن
حكومة الجزيرة… والاستثمار في ظرف الحرب
الحرب التي تجري الآن داخل ولاية الخرطوم أدت إلى عملية نزوح عدد كبير من المواطنين من ولاية الخرطوم إلى عدد من الولايات المجاورة وبعض منهم تعرضوا لنهب مؤسساتهم وشركاتهم ومنازلهم وغادروا الخرطوم حفاظاً على أرواحهم ولا يدروا بمصير ممتلكاتهم ويمنون أنفسهم بالعودة إلى ولاية الخرطوم ورغم تلك الظروف القاسية قام عدد من مواطني ولاية الجزيرة بصفة عامة ومواطني مدينة ودمدني بصفة خاصة ظلوا يتسابقون من تقديم يد العون لخدمة المواطنين بولاية الخرطوم حيث تسابق الشباب ومنظمات المجتمع المدني بفتح المدارس في الأحياء لاستقبال هؤلاء المواطنين ورغم أن عدد منهم جاءوا بملابسهم نسبة لتعرضهم لعملية نهب وفزع لحظة خروجهم من ولاية الخرطوم.
وفي ظل تلك الأحداث في ولاية الخرطوم قامت الأجهزة الأمنية بولاية الجزيرة بالقبض على عدد من المتهمين في أموال مسروقة ومنهوبة من ولاية الخرطوم عبارة عن أموال بالعملة الأجنبية والذهب وعربات وأثاثات مما جعل والي الجزيرة المكلف يصدر أمر طواري رقم (5) لسنة 2023م بتاريخ 25/4/2023م بعد اندلاع الحرب بعشرة أيام والخاص بمصادرة حيازة الأموال النقدية بالعملة المحلية والأجنبية والتي يشتبه فيها في الظروف التي تثير الريبة نتيجة الأحداث الواقعة بالبلاد وأن تصادر تلك الأموال المضبوطة لصالح حكومة الجزيرة كما أردف الوالي المكلف بقرار آخر بالرقم (49) لسنة 2023م بتاريخ 13 يوليو 2023م والخاص بتشكيل لجنة لحصر وضبط والتصرف في الأموال والأصول المنهوبة نتيجة الحرب في الخرطوم وذلك القرار الذي وجد معارضة ورفض من بعض الأجهزة الأمنية مما جعل ذلك القرار يذهب إلى مذبلة التاريخ وكان هدف الولاية أن تصادر تلك الأموال بدلاً من العمل على إعادة تلك الأموال لمواطني ولاية الخرطوم الذين تضرروا نتيجة تلك الحرب وإعادتها وفق الإجراءات القانونية كخدمة لهؤلاء المتضررين.
ولكن لم تقف طموحات وأهداف حكومة الجزيرة عند تلك الإجراءات التي تم إبطالها حيث أعلنت عن مشروع آخر أو جديد حيث أعلن في الأيام الماضية عن تدشين وحدة سكنية نموذجية من 1200 وحدة مخصصة حسب إعلان الشركة لمنكوبي الحرب بولاية الخرطوم والشركة المنفذة شركة سوقطرة بودمدني باسم مخطط بابل للسكن وذلك لإنشاء منازل تركيب قادمة من تركيا وهي عبارة عن نموذج أول عبارة عن منزل مكون من غرفتين وصالون وحمامين في مساحة (200) متر يعمل بمنظومة الطاقة الشمسية وتم تحديد السعر 25 ألف دولار على أن يكون القسط الأول 50% والباقي على 12 شهر وذلك مراعاة ولظروف مواطني ولاية الخرطوم القادمين من الحرب أما النموذج الثاني مكون من ثلاثة غرف وحمامين وصالون في مساحة (200) متر ملحق به طاقة شمسية بالإضافة إلى التكييف بسعر 38 ألف دولار على قسطين (50%) والباقي على (12) شهر وكل ذلك بمجهود حكومة الجزيرة لمراعاة ظروف مواطني ولاية الخرطوم القادمون من الحرب.
ثم كانت المفاجئة كلمة والي الجزيرة المكلف بتدشين نموذج تلك المنازل بالقرب من وزارة المالية حيث قال بعض وصول ستة نماذج إلى ودمدني تم إرجاعها مرة أخرى لبورتسودان وذهبنا لبورتسودان لمقابلة الفريق أول عبد الفتاح البرهان بغرض تسهيل إجراءات عودة (6) وحدات سكنية إلى ودمدني وتركيبها الآن وكانت المفاجئة حيث أعلن والي الجزيرة المكلف بأن هنالك خطاب أمام رئيس مجلس السيادة بإعفاء 1270 وحدة سكنية من الجمارك وخطاب آخر أمام وزير المالية بنفس الغرض للإعفاء الجمركي.
وأضاف في كلمته بأن المستفيدين من تلك الوحدات السكنية المواطنين القادمين من ولاية الخرطوم وناس الجزيرة عليهم بالذهاب للخطة الإسكانية التي لا يعلم مداها إلا اللـه وأن تلك الوحدات السكنية هي محاربة بعض أصحاب الشقق الذين قاموا برفع أسعار الشقق في الفترة الماضية وهنا يبدأ السؤال كيف ولماذا سافر الوالي المكلف إلى بورتسودان لمقابلة رئيس مجلس السيادة ووزير المالية بغرض الإعفاء الجمركي وتسهيل شحن الوحدات السكنية لودمدني علماً بأن تلك هي تخص شركة تجارية وكان الواجب على الوالي أن يكون ذلك الجهد موجهه لإنسان الجزيرة وأن الوقود بالعربة التي سافرت إلى بورتسودان خصماً من إنسان الجزيرة وأن الإعفاء الجمركي لتلك الشركة التي أعلنت التكلفة لمواطني الخرطوم المنكوبين حسب وصفها بالدولار لماذا يتم إعفائها من دفع الرسوم الجمركية التي سوف تعود لخدمة الدولة وتصرف لمرتبات العاملين المنتظرين منذ أبريل نسبة لضعف إيرادات الدولة أليست هذه جريمة ارتكبها والي الجزيرة المكلف تستحق المساءلة والمحاسبة عليها بشأن شركة تجارية وليس لمواطن الجزيرة أو حتى ولاية الخرطوم خدمة لها وفي النهاية الراغب سيدفع القيمة بالدولار إذا وجد.
حيث كانت المفاجأة من خلال صفحة أمانة حكومة الجزيرة بأن توقيع عقد إنشاء 1000 وحدة سكنية للوافدين من ولاية الخرطوم تم في يوم الاثنين الموافق 18 سبتمبر 2023م حيث وقعت عن حكومة الجزيرة ممثلة في وزارة التخطيط العمراني مع شركة سوقطرة عقد إنشاء 1000 وحدة سكنية بمخطط بابل السكني وتم التوقيع في يوم 18 سبتمبر وتم التدشين السكني وأصبح جاهز يوم الثلاثاء 19 سبتمبر 2023م
ومن خلال تلك الأحداث بأن مشروع السكن تم الاتفاق عليه منذ فترة مما مكن الشركة استيراد تلك المساكن حيث أن توقيع العقد كان فورياً وان الاتفاق الأساسي كان من تحت الطربيزة ولا يعقل ولا يصدق أن يتم توقيع عقد يوم 18 لتركيب وحدة سكنية ويتم تدشينها يوم 19 بفارق يوم واحد وأن ما تم من اتفاق تحت الطربيزة يطرح عدة تساؤلات ما علاقة وزارة التخطيط العمراني بذلك المشروع وهي شركة تجارية كان من المفترض إذا كانت هنالك رغبة من وزارة التخطيط العمراني لمثل هذه المشاريع تعلن عنها للجميع ليتقدموا بعطائهم وفقاً لقانون الإجراءات المالية وأن أي عمل بدون عطاءات فيه شبهة فساد وعدم شفافية وكيف اختيار شركة سوقطرة لتنفيذ هذا المشروع دون إجراءات أي عطاءات وما علاقة الوالي بالسفر إلى بورتسودان لتلك الشركة وهل أوفت حكومة الجزيرة بأنشائها مساكن لمواطني المناقل الذين تضرروا من الأمطار العام الماضي حيث أعلنت حكومة الجزيرة عن إنشاء مخطط سكني لـ3000 منزل للمواطنين المتضررين ولا شك بأن مجهود والي الجزيرة المكلف تجاه تلك الشركة كان الأفضل أن يكون من أجل إنسان الجزيرة في حل مشكلة المياه التي ما زال يعاني منها إنسان ودمدني منذ اكثر من ثمانية أشهر وتراكم النفايات وقد حولت المدينة لأوسخ مدينة في البلاد بعد أن تم حل هيئة النظافة وتجميل ولاية الجزيرة من أجل إرضاء بعض الضباط الإداريين ومعالجة مشكلة تنظيم سوق ودمدني الذي أصبح من الصعب أن تذهب به على الأرجل من كثرة الفريشة والباعة المتجولين ولكن كل ما تم من مجهود الوالي بالسفر إلى بورتسودان بمال إنسان الجزيرة امتداداً لسعي حكومة الجزيرة بما قامت به من قرار رقم (49) الخاص بمصادرة الأموال المنهوبة من ولاية الخرطوم وتحول الأمر إلى إنشاء مشروع استثماري لإسكان مواطني ولاية الخرطوم رغم ظروفهم وخروجهم من ولاية الخرطوم نتيجة الحرب وطيلة الفترة الماضية ظلوا بدون عمل لشهور طويلة والبعض منهم دون مرتبات كل ذلك كان الواجب على حكومة الجزيرة توفير سكن لهم مؤقت حتى يعودوا معززين إلى منازلهم وأن الإعفاء الجمركي من أجل شركة تجارية جريمة في حق إيرادات الدولة ولكن من الملاحظ بأن والي الجزيرة المكلف ظل يتعامل بصلاحية الوالي المعين علماً بأن الوالي المكلف ليست له صلاحية مطلقة وحتى الوالي الذي يتم تعيينه يؤدي القسم مباشرة بالولاية يكون عليه سلطة رقابية من المجلس التشريعي وكل قراراته عرضة لإلغاء والمراجعة والواجب على حكومة الجزيرة تدرك بأن كل الاتفاقيات والعقود هي مؤقتة وستعرض أمام أول جلسة انعقاد لمجلس تشريعي بولاية الجزيرة
والواجب على تلك الحكومة المكلفة أن تعمل من أجل إنسان الجزيرة تقدم الخدمات وبشفافية وعلى الحكومة أن تعمل جاهدة لتجنب الفساد من أجل تقدم وتطور إنسان الجزيرة بدلاً من العمل في الاستثمار في ظروف الحرب لمواطني ولاية الخرطوم القادمين حتى لا ينطبق ويقول مواطني الخرطوم (من أين أتى هؤلاء؟) دون رحمة بهم ومنازل تباع بالدولار في ظرف هذه الحرب وإذا تم إعفاء جمركي للشركة يجب أن تخصم لصالح مواطني ولاية الخرطوم من أجل دعمهم ومساعدتهم وهذا ممكن إذا تضافرت الجهود وخلصت النوايا واللـه يهدي السبيل وهو المستعان.
(لنا عودة)