راي

منْ أجلِ بناءِ كوخٍ صغيرٍ على ضفافِ النيلِ . . أوقفوا الحربَ في السودانِ_ عمرو خان

بعانخي برس

 

 

منْ أجلِ بناءِ كوخٍ صغيرٍ على ضفافِ النيلِ . . أوقفوا الحربَ في السودانِ

عمرو خان

كاتب صحفي مصري وباحث في العلوم السياسية والاقتصاد الإفريقي
جامعة القاهرة

يقولون أن الحرب عندما تقوم إقامتها فإن الأزمات لا تأتي بمفردها. تأتي سرايا كالجيوش، تتبع أثرها وتأثيره، تهجم على المستهدف من النزاعات والصراعات وتفتك به، لاسيما تكون الأزمات أكثر شراسة من البندقية والدبابة في حجم الأثر التي تلقي به على عاتق الحكومات والشعوب.
هذا يتسق تمامًا مع الوضع الدائر في السودان؛ ذلك المشهد السوداوي الذي ألقى بوشاح الألم والحزن على ما يزيد عن 47 مليون نسمة، داخل السودان وخارجه. الشعب السوداني بشكل كبير- منذ اندلاع الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في منتصف إبريل 2023- واجهة أزمات إنسانية وكوارث لا حصر لها. وبعد قرابة 13 شهر من الصراع وانزلاقه إلى مستويات أكثر خطورة، نرى أن تقديرات الموقف بات لا يصلح معها استخدام المفردات التحذيرية لتوقعات سيناريوهات المستقبل. و صناع القرار في السودان إيجاد الحلول والبدائل والاختيارات لاتخاذ إجراءات فعلية لوقف الحرب، وليس مجرد الكلام.
لماذا يجب أن تتوقف الحرب؟
بعد مرور 13 شهرًا على اندلاع الحرب في الخرطوم، يمكننا القول إن الوضع لا يزال معقدًا ومتغيرًا. يبدو أن هناك تقدمًا بطيئًا نحو التوصل إلى حل سياسي دائم للصراع، إلا أن العديد من التحديات ما زالت قائمة. يشهد السودان تحولًا جذريًا بعد الانتفاضة التي أدت إلى إطاحة نظام الرئيس السابق عمر البشير، ولكن بقاء الصراعات الداخلية والتوترات بين الفصائل المختلفة تكون عائقًا أمام عملية بناء السلام.
إن تحقيق السلام يتطلب المرور عبر التوترات بين الفصائل. فكيف لذلك أن يحدث وهذه الفصائل تؤجج الصراع من أجل أهدافها الخفية والظاهرية، ولكن ماذا لو انتصر أحد الطرفين؟ كيف سيكون عنوان هذا الانتصار؟ هل يكون “السودان ينتصر على نفسه”؟.
ماذا يحدث في الحرب؟
سألت أنديرا غاندي، رئيسة وزراء الهند السابقة والشخصية السياسية البارزة، والدها: “ماذا يحدث في الحرب؟”. فأجاب: “ينهار الاقتصاد الكلي”. وتساءلت: “ماذا يحدث بعد الأزمة الاقتصادية؟”. فأجاب: “تنهار الأخلاق”. قالت: وماذا يحدث أيضًا لو أنهارت الأخلاق!؟ قال: “وما الذي يبقيك في بلد سقطت أخلاقه؟”.
استقيت هذا النص من المذكرات الشخصية لـ “إنديرا غاندي” التي نُشرت لأول مرة عام 1975. وهي من أهم الأعمال الأدبية التي تروي قصة حياتها، حيث تقدم نظرة فريدة لأفكارها وتحليلاتها وانتقاداتها للسياسة المحلية. والسياسة الخارجية، بالإضافة إلى أفكارها حول الديمقراطية والنضال السياسي والتحديات التي واجهتها خلال فترة عملها كرئيسة لوزراء الهند.
ولكن لماذا هذا النص تحديدًا؟
وهنا أجيب لك قائلًا:” أن الحرب تخلق مجموعة من الأزمات، تتسبب في انهيار الدولة وتقوض مقوماتها، ومن أبرز ركائز بناء الدول هي التعليم والاقتصاد، ويندرج ضمن ملف التعليم الأخلاق، وإذا إنهار التعليم انهارت الأخلاق، وبالتبعية فإي دولة تحتضن شعب غير متعلم لن يكون لديها اقتصاد قادر على تلبية احتياجات مواطنيها، ولما كانت الدول تبني بعقول وسواعد أبنائها، فكيف لعقول فارغة وسواعد مرتعشة – اعتادت على حمل السلاح- بناء كوخ صغير على ضفاف النيل، إن من يحمل السلاح لا يفهم في بناء الأوطان”.
دور المجتمع الدولي لإنهاء الصراع
يجب أن يلعب المجتمع الدولي دورًا أكبر في تعزيز الحوار ودعم الجهود الرامية إلى تحقيق الاستقرار في السودان. أن الجهود الإقليمية والدولية قد تكون العنصر الأساسي لتجنب تفاقم الصراع من خلال تعزيز الحوار وتوجيه الأطراف المتصارعة نحو الحلول السلمية.
الحل يبدأ من الداخل
على المستوى الداخلي، يجب على السودانيين جميعًا أن يبذلوا المزيد من الجهود لنبذ العنف والتصعيد، وأن يتعاونوا من أجل بناء مستقبل أفضل للبلاد. يجب أن تكون الحكومة والمعارضة على استعداد للتفاوض وتقديم تنازلات تجاه بعضهما البعض من أجل تحقيق السلام والاستقرار.
باختصار، تقدير الموقف الحالي للصراع في السودان بعد مرور 13 شهرًا على اندلاعه يبقى معقدًا. يتطلب جهودًا مستمرة من جميع الأطراف المعنية للتوصل إلى حلول شاملة تعزز السلام والاستقرار في البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى