
(كف عفريت ) هو مثل شائع يضرب أو يقال عندما يكون المستقبل مجهول او غامض او انه باي دقيقه يتغير كل شي فيقال عند التحدث عن حال البلاد المضطربة أو المزاج السيئ وهناك اراء تقول بأنه يقال من باب الحذر ليحذر الناس من عواقب أمر ما كأن يقولوا “ان اقتصاد البلاد على كف عفريت ” هذا يعني انه في تدهور وخطير جدا ، وكلنا يعلم ما آل اليه الوضع فى البلاد حيث نجد ان اكبر مصيبة أضرت واقعدت الشعب السودانى منذ الاستقلال السياسة التى قيدت مجاديف التنمية والأعمار لنلحق بركب بقية الدول التى تنطلق كالصاروخ فى كل شيء ،
والاسوأ ان الجانب السياسي فى السودان يعتبر المفتاح الرئيسي لكافة القطاعات الأخرى وانعكس سوء السياسة على اقتصادنا بصورة واضحة وجلية ، ومن المؤسف جدا اذا قارنا وضعنا مع هولندا مثلا نجد ان مساحة مشروع الجزيرة لوحدها تفوق مساحة هولندا فى ذات الوقت نجد ان هولندا متقدمة زراعيا واقتصاديا ونحن ما زلنا نبحث عن بارقة امل نسأل الله أن يكللها بالنجاح من خلال مبادرة جامعة الجزيرة لحل الأزمة السودانية .
رسمت ورشة المحور الاقتصادى الصورة الحقيقية للواقع الاقتصادى المزرى الذى وصلت له البلاد من خلال عدد من الأوراق العلمية بينها ورقة اثر القطاع الزراعى على التنمية الاقتصادية فى السودان الفرص والمشكلات ، وورقة الاقتصاد السودانى وافق الحل (حالة الفوضى مستمرة) ، وورقة بعنوان التنمية المستدامة فى السودان قراءة فى بعض المؤشرات ، وغيرها من الأوراق العلمية التى ترمى لتشخيص العلة وإيجاد الدواء ،
ولكن نقولها وقلناها من قبل ان ازمة الضمير هى اس البلاء فى البلاد ، لذلك نجد ان الورشة فى جميع اوراقها ركزت على أصل المشكلة بصورة علمية عساها ترى النور مستقبلا ، واشير للتفاعل الكبير للحضور مع الأوراق العلمية التى قدمت بسلاسة وايجاز منقطع النظير ، واكثر ما شدنى لورشة المحور الاقتصادى الشفافية المطلقة التى جعلت الحضور فى حالة استماع واستمتاع بما قدم ،
احسب ان كلمة وزير المالية والاقتصاد والقوى العاملة المكلف بولاية الجزيرة الاستاذ عاطف ابوشوك أتت بالمفيد فى تشخيص المشكل الاقتصادى فى صورته الكلية حيث وصف اسهام القطاع الزراعى فى التنمية الاقتصادية بالضعيف ، واعتبر ان الإدارة المركزية لمشروع الجزيرة وعدم افساح المجال للقطاع الخاص للدخول كشريك فى الانتاج من مقعدات المشروع ، وذكر : ان خصخصة الحفريات كانت على حساب المشروع ،
وقال : ان التضخم الذى تشهده البلاد سببه فشل المشروعات الممولة سواء كانت اجنبية او محلية ، واضاف: لدينا مشروعات كبيرة مثل سد مروى وخزان الروصيرص وتسأل ما هو دورها للاسهام فى الاقتصاد ، مبينا ان البلاد لا تمتلك اهداف استراتيجية للمشروعات الكبيرة ، ورأى ابوشوك ان مشاكل الاستثمار لعدم وجود قانون لتنظيم ملكية الارض فى السودان ، موضحا ان المواطن السودانى لديه حساسية مع المستثمر خاصة الاجنبى ،
وقال : الاقتصاد السودانى كله خفى (تهريب وسمسرة ووساطة ) وغيرها وتسأل: أين حصائل الصادر ، واضاف: دى مشاكل الاقتصاد السودانى المحتاجة الحديث عنها بشفافية لإيجاد الحلول (على حد قوله) ، واشار الى ان السودان دولة ذات إمكانيات اقتصادية هائلة غير مستقلة وما يتم استقلاله بهدر ، ودعا للإصلاح الشامل مع احساس الجميع بالانتماء لهذا الوطن ، وشدد على ضرورة اكمال البنيات التحتية الاقتصادية والاجتماعية للتمهيد لتنمية حقيقية مع حسن تنفيذ وإدارة المشروعات.
اذا يتطلب الإصلاح الشامل احساس الجميع بالانتماء للوطن ولو وصلنا لهذه المرحلة نكون قد خرجنا من عنق الزجاجة الضيق الذى نحن فيه الآن، منذ ميلادنا ونحن نمنى أنفسنا ان نرى بلادنا فى مصاف الدول العظمى لما لها من إمكانيات يحسدنا عليها العالم اجمع ولكن لغياب الحس بالانتماء لهذه البلاد جعلنا ضمن معاول الهدم والتمزيق،
فمتى نصحو من غفوتنا ومتى يكون حاضرنا أجمل من ماضينا ، ومتى نخلع عباءة الحزبية والجهوية والحقد ونتقبل الاخر بصدر رحب ، ومتى تأخذنا الغيرة ونتعامل مع بلادنا بإخلاص وتفانى، وكلنا يعلم ان الإصلاح الاقتصادى يحتاج ارادة وطنية خالصة ، فمتى نخرج بلادنا من دائرة كف العفريت فالوضع ما عاد يحتمل ، فقد اقتربنا من فقدان وطن فسيح رحب يحتاج من يضمد جراحاته ويرتمى فى احضانه وعلينا جميعا أن نعتذر لبلادنا لما لها علينا من دين …