
علي الملأ
عمرسيكا
ما يحدث في الخرطوم الان من توقف لأعمال الجهاز الحكومي وتدمير المقار الحكومية وغير الحكومية بل وتوقف الصلوات في مسجدي الخرطوم العتيقين و كنائس وسط الخرطوم وخلو هذه المنطقة تماما من مظاهر الحياة المألوفة عدا تحركات لصوص الجنجويد ليس حربا فقط ولكنها احقاد تفرغ وضغائن وجدت متنفسها عبر الغدر والخيانة والدفع من جهات خارجية تحركها مخططات الظلام وأوهام التسيد من أجل المصلحة و الجشع السياسي. رغم دناءة ما يحدث للشعب السوداني في مدنه وفي العاصمة تجد من يتحدث داعما و يسوق مبررات تدعو للرثاء حيال هذه العقليات التي لوثتها أوهام تحقيق ما لم يأت به الأوائل كما يزعمون. هؤلاء يستميتون لتصوير ما يجري بأنه إزالة لدولة أسست على ظلم الهامش و نهبه وإهمال أهله ذريعة تنم عن جهل فاضح بنمو الدولة و تأسيس نظمها في الإدارة حتى قامت على تدرج تاريخي أعمدته التعليم و مناهج إعمال أدوات التقدم بعد حيازتها من خلال البذل الفكري و تكريس القدرات في سائر مناحي الحياة. لقد كان المبدأ في مدن السودان التي عبرت في أشواط التقدم هو سد الثغرات بالعمل الشعبي و العون الذاتي وما خسر سوى أولئك الذين أمضوا السنوات في انتظار الاعطيات والهبات و الاستجابة للمطالب والتي هي أمنيات وتمنيات ليس إلا.
كان فهم هذا المسار سيؤدي إلى انتقال التجربة وتوسعها لكن الأحقاد تعمي الفكر وتؤجج بواعث الرغبة في التدمير و إلحاق الضرر والأذى بمن طالته تصورات الخصومة.
وبعد كل مشاهد هذا التردي الأخلاقي و غياب القيم تتبدي أصوات تصور ما حدث بأنه دلالات على جسارة المعتدي و جبن الآخرين الذين وقع عليهم الاعتداء فلم يستطيعوا دفعا عن أنفسهم سوى اللجوء للهرب واللوائح بالمنافي. وددت لو أنني لم أقلها ولكن لو كنا نحن الطرف المعتدى عليه في وطنه ودياره نملك ما امتلكوه من سلاح ومعينات دمار لما احتجنا لسوى نهار فقط لحسم الجولة و الحرب من جذورها ولكن يشاء الله وتشاء ثقتنا في رسوخ القيم والتمدن في سائر النفوس و خلو نفوسنا من غل العداء كف أيدينا من حيازة السلاح و الاحتفاظ به ولو كان غير ذلك لعرف هؤلاء المعتدون من نحن ولكن نحمد الله بأننا لم نلوث أيدينا بدماء حتى من غدروا بنا و أننا وكلنا ذلك للدولة التي آمنا بها وعملنا من أجل تكوينها و ترسيخها هيكلا قانونيا وأمة وأرضا.