
نشر موقع إيران انترناشونال خبر مفاده أنّ وفداً عسكرياً سودانياً زار طهران في الأيام السابقة، لطلب طائرات انتحارية مسيرة من نوع كاميكازي، وهي طائرات خفيفة يصعب رصدها تحمل رأس متفجر ويمكنها أن تحلق لبعض الوقت او تتسكع كما يقول العسكريون حتى ترصد هدف للعدو فتنقض عليه، والجدير بالذكر أنّ الطائرات الانتحارية السابقة التي شهدناها في بعض العمليات العسكرية للجيش مثل الهجوم على مركبة كانت تقل جنود من الدعم السريع في كبري شمبات (قبل قصفه) كانت اوكرانية الصنع وتم تدريب المتحكمين السودانيين من قبل الاوكرانيين باعتبار أن مليشيا الدعم السريع لديها ارتباط بروسيا وتعاونت أوكرانيا باعتبار ضرب المصالح الروسية الخارجية، وتأتي هنا المفارقة فطهران التي ذهب اليها الجيش السوداني طالباً الكاميكازي تزود روسيا حليفة المليشيا بنفس الطائرات لضرب العمق الاوكراني لان ميزة طائرة كاميكازي انه يمكن التحكم بها من على بعد مئات الكيلومترات على عكس الطائرة الانتحارية الأوكرانية التي كانت يقتصر مداها على خمسة عشرة كيلومتر وتتطلب وجود المتحكم بها قريبا من الحدث
*مؤشرات استيراد الجيش للكاميكازي*
نبدأ بكيف استخدمت روسيا هذه الطائرات حيث أنها ضربت بها البنية التحتية الأوكرانية التي تقع في المدن البعيدة عن مرمى نيرانها وحققت تدمير كبير في هذه المنشآت، وهنالك معلومة إضافية يجب استصحابها عن سعر هذه الطائرة الذي يبلغ عشرين ألف دولار وتذكر عزيزي القارئ ان هذا سلاح يستخدم لمرة واحدة ،اذاً سيستورد الجيش عدد محدود من هذه الطائرات بحكم سعرها والظرف الاقتصادي للبلاد، فيقفز السؤال اذا استورد الجيش مئة طائرة مثلاً بقيمة اثنين مليون دولار فهل سيهدرها على مركبات الدعم السريع؟ والتي لن يشكل غياب مئة منها كبير فرق في واقع الأرض؟ أم سيستخدمها كما استخدمتها روسيا لضرب البنية التحتية؟ في ظني سيستخدمها لذات الغرض وسيستهدف البنية التحتية في الخرطوم، فاذا كان غير قادر على استعادتها سيدمرها ليجعلها مدينة خربة ويخرجها من طاولة التفاوض ككرت تفوق للمليشيا ،ومدى الكاميكازي البعيد يشير الى أن من سيتحكم في هذه الطائرات سيكون على بعد مئات الكيلومترات من العاصمة، هل ستدمر الخرطوم كما صرخ الاخوان المسلمين منذ بداية هذه الحرب عندما أدركوا انهم لن يكسبوها في اثنين وسبعين ساعة؟ هل ستدمر الدولة المنازل التي بناها المواطنون بعرق جبينهم ولم تعنهم الدولة يوما؟ ستدمر المنشآت التي صنعت من العاصمة عاصمة وتفقد الأراضي التي اشتراها الناس بالمليارات قيمتها؟ ستكون الخسارة المادية مهولة ليس على خزينة الدولة التي اقتطعت من جلد ولحم المواطن لتبني هذه المنشآت ولكن على كل صاحب ملك بشكل شخصي، وإذا استحالت العودة للخرطوم سيفقد هذا المواطن حتى الأرض ويجب عليه البدء من الصفر في مكان اخر.
*ردود الفعل العالمية على التعاون الإيراني السوداني*
تعتبر إيران والصين هما الحليفين الأبرز لروسيا على الدوام وفي الطرف الاخر نجد أميركا واروبا وحلفائهم في المنطقة ، اذاً ميل الجيش السوداني تجاه السلاح الإيراني يعني انضمامه للمعسكر الروسي الصيني وهذا ليس بجديد فقد كانت الصين هي المستثمر الأجنبي الأكبر في السودان في ظل عقوبات غربية على نظام البشير، وفي الذاكرة القريبة يوم جلس عمر البشير أمام بوتين طالباً الحماية ،اذاً لنظام الاخوان المسلمين علاقات وثيقة بروسيا، ويقفز سؤال آخر من هو الحليف الحقيقي لروسيا هل هو مليشيا الدعم السريع أم الجيش السوداني بحكم تغلل الاخوان المسلمين فيه؟ وهذا سؤال مسبب فليس من المنطقي أن تزود إيران الجيش السوداني بسلاح لمواجهة الدعم السريع إذا كان حليف حليفتها ومهم عند روسيا، ويجب أن اشير الى أن الفاتح عروة رجل المخابرات السابق المقرب لعمر البشير قال إن من اتى بالروس لتدريب وتسليح الدعم السريع هو الجيش السوداني وتم كل شيء بأشراف الجيش.
هذا هو الطرف الروسي ماذا عن الطرف الأمريكي وحلفائه؟ وجود تعاون اوكراني مع الجيش في السابق لضرب المليشيا يعني أن هنالك اعتقاد راسخ بميل الدعم السريع لروسيا ،وزيارة محمد حمدان دقلو لروسيا يوم انطلاق الحرب الروسية وتأييد الحرب من قبله تثبت هذا الاعتقاد ،ويجب أن نتذكر أن الخارجية السودانية والبرهان اتخذوا موقفاً رمادياً وكأن تصريحات دقلو تمثله كقائد للمليشيا وليس كنائب لرئيس مجلس السيادة وقائد جزء من الجيش السوداني وفي ظني هذا موقف مقصود لترسيخ مفهوم أن الدعم السريع هو من يتعاون مع الروس وليس الجيش، ولكن الغرب ليس بأعمى ولا مغيب فهو يعلم تلك الصلات الوثيقة لذلك لم يستعدي الدعم السريع واعتبره طرف نزاع ، خطوة الجيش بالتسلح من إيران ربما تدفع بأطراف لدعم مليشيا الدعم السريع بشكل أوضح وأكبر وهنا نأتي بالميزان، ما الذي ينقص الجيش السوداني وما الذي ينقص الدعم السريع ؟ ما ينقص الجيش هو المشاة على الأرض، وما ينقص الدعم السريع هو الطائرات والاسلحة الثقيلة ،واذا تحصل على داعم سافر الوجه قادر على مده بما ينقصه مع استحالة وجود داعم قادر على أن يمد الجيش بما ينقصه وحتى وأن استنفر الشباب فهذا ليس النوع من الجنود الذي ينقص الجيش لمواجهة المليشيا هذا يعني انتهاء نقطة تفوق الجيش وفي المقابل انتهاء قصور القوة العسكرية للدعم السريع ،ولن تصبح قوة مشاة ستنتشر قبل أن يسبقها قصف بالطائرات والمدفعية الثقيلة ممايسهل اصطيادها في المناطق المفتوحة، وأضف الى هذا السيناريو تحييد الخرطوم واخراجها من المعادلة والتي تتطلب السيطرة عليها او على أجزاء منها أعداد كبيرة من الجنود مما يحبس الغالبية العظمى من قوات الدعم السريع فيها ويمنعهم من التمدد لمدن أخرى خارج مناطق حواضنهم القبلية، ويتحركون بحذر للمدن القريبة لمنطقة سيطرتهم الأساسية الخرطوم فعند تدمير العاصمة لن تفقد أهميتها بالنسبة للمليشيا فحسب وتجعلهم يبحثوا عن كروت أخرى أيضاً ستفقد أهميتها للجيش ولن يعود اليها أن ظل فيها الدعم السريع او غادرها لانها ستفقد ميزتها كعاصمة بعد دكها ،اذاً هذه الخطوة لن تكون من تجاه واحد وسيترتب عليها الكثير داخلياً وخارجياً.