راي

*شاهيناز القرشي تكتب..* *إسرائيل ستقصف كل أصدقاء حماس وإيران* ــ *بعانخي برس*

بعانخي برس

 

 

 

*شاهيناز القرشي*

تغيّر إسرائيل خططها وأسلوب فرض وجودها إلى أسلوب القوة. وما لم يتحقق بالقوة، يتحقق بمزيدٍ من القوة. إسرائيل التي اعتدت على العاصمة القطرية الدوحة، بكل ما تمثله من رمزية تفاوضية وشراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة، دون أن تخشى شيئًا أو تحسب حسابًا لما بعد الاعتداء، تعلن بذلك أن فصلًا جديدًا قد بدأ؛ فصلًا فيه صوت واحد على الطاولة المسماة بـ”المفاوضات”. صوت لا يريد الحوار أو التنازل أو الوصول إلى حلول معقولة، بل يريد تقديم لائحة مطلوبات، وعلى الطرف الآخر أن يجيب بالطاعة. وإن فكرتَ في خوض جولة مفاوضات، ستُقصف.

ظهرت ملامح هذا الفصل حين استهدفت واغتالت مدنيين وعسكريين مثل إسماعيل هنية، وصالح العاروري، وقيادات من حزب الله، كما هاجمت إيران قبيل جولة المفاوضات النووية، واستهدفت علماء مدنيين وعسكريين على حد سواء، وقتلت أعضاء في مجلس وزراء الحوثيين. كل هذه التحركات جرت في دول بينها وبين إسرائيل مناوشات عسكرية. أما الجديد في الاعتداء على الأراضي القطرية، فهو أن الضربة تمت داخل دولةٍ توجد بينها وبين إسرائيل تفاهمات وتواصل، وكان وفد حماس المستهدف مجتمعًا لمناقشة مقترح أمريكي لوقف إطلاق النار في غزة.

كيف تمت العملية؟ وهل أمريكا على علم بها؟

ما اتفق عليه المحللون العسكريون هو أن الضربة نُفِّذت بواسطة طائرات الشبح الأمريكية. وحتى إن عجزت الرادارات القطرية عن رصد هذه الطائرات، فمن المؤكد أن رادارات قاعدة “العديد” قد رصدتها. إذ لا يمكن لطائرات الشبح أن تخفى على صانعها. وقد تعرفت عليها كطائرات تتبع لإسرائيل وتوقفت عن ردعها.

وفي تحليلي، هذه هي اللحظة التي علمت فيها وزارة الدفاع الأمريكية بالتحرك. وهناك بعض المصادر التي أشارت إلى أن المخابرات التركية قد رصدت ما يجري وأبلغت قطر قبل دقائق من وقوع الهجوم، وربما كان هذا سبب نجاة أعضاء وفد التفاوض من تلقي الضربة الكاملة، ولا يزالون مختفين، وتتضارب الأنباء حول إصابة بعضهم بجروح خطيرة.

وهنا يقفز السؤال: هل كانت أمريكا لا تعلم؟
يمكن القول إن إسرائيل أعلمت أمريكا بنيّتها في اغتيال أعضاء المكتب السياسي لحماس، لكنها لم تخبرها بنيّتها تنفيذ العملية داخل قطر تحديدًا. وقد أدخل هذا التصرف أمريكا في حرج بالغ مع دولة قطر، وعليها الآن أن “تنظف” ما يمكن تنظيفه خلف “المراهق المتمرد” الذي ترعاه ولا تريد تأديبه.

الرسائل في بريد العالم

الرسالة الأولى: إسرائيل ستعتدي بلا حسابات، وستتخطى كل الخطوط بجميع ألوانها. وستسعى إلى تحقيق بنك أهدافها بالكامل قبل حربها القادمة على إيران.

وأما أمريكا، فستكتفي بمنحك الكثير من “الاستهبال الكلامي”، وقد ترفع “الفيتو” لوقف العقوبات إذا استدعى الأمر.

الصورة التي تُرسم للعالم في قادم الأيام هي أن إسرائيل حليف استراتيجي، وليست تابعًا للولايات المتحدة في سياستها الخارجية. ويمكن لإسرائيل أن تختلف مع حلفاء أمريكا الآخرين، بل وتعتدي عليهم، كونها دولة ذات سيادة تتخذ قراراتها بنفسها. لكن إذا تعرضت إسرائيل لأي اعتداء، حتى ولو كان ردًّا، فإن أمريكا ستدافع عن الداخل الإسرائيلي بكل إمكانياتها.

أما التحرك العسكري الأمريكي ضد الطرف الآخر، فلن يتم إلا في حالتين: إيران وربما تركيا، لأنهما الدولتان الوحيدتان القادرتان على إلحاق ضرر حقيقي بإسرائيل.

الرسالة الأهم المضمنة في هذا الاعتداء هي: استعدوا لمرحلةٍ تستبيح فيها إسرائيل سماء الجميع، وكل من تعتبره عائقًا أمام مشروعها. فقد هاجمت إسرائيل واحده من أكثر الدول المستبعدة عن هذه الخطوة، لا توجد دولة في المنطقة تتمتع بحماية مباشرة من أمريكا مثل قطر، ولديها كذلك تواصل مع إسرائيل، إذن لا أحد آمن، ولا أحد مستثنى.

السودان وإسرائيل

مشكلة إسرائيل مع السودان تتمثل في وجود الإخوان المسلمين، المؤيدين لحماس، في مواقع مؤثرة داخل البلاد. وقد سبق أن قدمت إسرائيل مطالبها عبر المبعوث الأمريكي، والتي تتضمن إبعاد الإخوان المسلمين بالكامل.

وستنتظر إسرائيل نتائج ملموسة على الأرض. وإن لم تحدث كما طلبت، فستستهدف قيادات الحركة الإسلامية داخل السودان، سواء كانوا عسكريين أو مدنيين. وستنفذ ضربة لا علاقة لها بطرفي الحرب السودانية، بل ضربة ذات صلة بمن يدعم حماس.

إسرائيل، التي تخلّت عن مبدأ التفاوض وأسلوب “خذ وهات”، تريد اليوم أن تصدر الأوامر، وأن تُنفذ كما طُلبت، ولم تعد تقبل بأنصاف الحلول.

وبغض النظر عن رفضي للإخوان المسلمين كحكّام، فإن هذه الدولة المارقة المتعجرفة التي استهانت بكل شيء، لا بد من الوقوف في وجهها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى