راي

شئ للوطن ــ م.صلاح غريبة – مصر Ghariba2013@gmail.com ــ نظرة على تأثيرات الأسر السودانية في مصر لمرحلة ما بعد الحرب ــ بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

 

يحل علينا اليوم الدولي للأسرة في الخامس عشر من مايو من كل عام ليذكرنا بالدور المحوري الذي تلعبه النواة الأسرية في بناء المجتمعات واستدامتها. إنها الوحدة الأساسية التي تحتضن أفرادها وتغرس فيهم القيم وتمنحهم الشعور بالانتماء والأمان. وفي خضم التحديات العالمية المتزايدة، تزداد أهمية هذه المناسبة لتسليط الضوء على احتياجات الأسر وحقوقها، خاصة تلك التي تجد نفسها في مواجهة ظروف قاسية، النزاعات والحروب.
لقد استقبلت مصر على أرضها أعدادًا كبيرة من السودانيين الذين اضطرته ظروف الحرب الدائرة في السودان إلى ترك ديارهم بحثًا عن الأمن والأمان. وبين هؤلاء اللاجئين، كانت الأسر السودانية هي الأكثر تضررًا، حيث تشتت شمل الكثير منها وفقدت مصادر رزقها وأصبحت تواجه تحديات جمة في سبيل الحفاظ على تماسكها وتوفير احتياجات أفرادها الأساسية.
إن تجربة اللجوء بحد ذاتها تمثل اختبارًا صعبًا قدرة الأسر على الصمود والتكيف. فالأسر السودانية في مصر تواجه صعوبات في الحصول على السكن المناسب، وتأمين الغذاء والدواء، وإلحاق الأطفال بالمدارس. كما أن الصدمات النفسية التي تعرض لها أفراد هذه الأسر جراء الحرب والنزوح تترك آثارًا عميقة تحتاج إلى رعاية واهتمام خاصين.
ومع التطلع إلى المستقبل وانتهاء هذه الحرب المؤسفة في السودان، يبرز سؤال هام حول التأثيرات المتوقعة للأسر السودانية العائدة إلى وطنها. سيكون لهذه الأسر دور حيوي في عملية إعادة البناء والتعافي المجتمعي، ولكن هذا الدور سيكون محفوفًا بالتحديات ويتأثر بعدة عوامل منها حجم الخسائر البشرية والمادية. كلما زادت أعداد الأفراد الذين فقدتهم الأسر والممتلكات التي دمرت، زادت صعوبة عملية التعافي والتأثير الإيجابي، وطول فترة الغياب عن الوطن يؤدي إلى تفكك الروابط الاجتماعية والاقتصادية التي كانت قائمة قبل الحرب، مما يستدعي جهودًا مضاعفة لإعادة بنائها، وحصول الأسر العائدة على الدعم النفسي والاجتماعي اللازمين للتعامل مع الصدمات والتكيف مع الواقع الجديد سيكون له تأثير كبير على قدرتها على المساهمة بفاعلية في المجتمع.
توفر فرص العمل والموارد الاقتصادية للأسر العائدة يمكنها من استعادة استقلالها المادي والمساهمة في التنمية الاقتصادية للبلاد، كما تلعب الحكومات والمنظمات دورًا حاسمًا في وضع سياسات فعالة لإعادة إدماج اللاجئين وتوفير الخدمات الأساسية لهم وتسهيل عودتهم إلى حياة طبيعية، والتسامح والمصالحة المجتمعي، فقدرة المجتمع السوداني على تجاوز مرارة الماضي وتعزيز التسامح والمصالحة سيكون لها تأثير مباشر على قدرة الأسر العائدة على الاندماج والمساهمة في بناء مستقبل أفضل.
من التأثيرات المتوقعة للأسر السودانية بعد الحرب، إعادة بناء النسيج الاجتماعي، وتساهم الأسر العائدة في ترميم الروابط الاجتماعية التي تضررت جراء الحرب والنزوح، وستكون بمثابة لبنات أساسية في إعادة بناء المجتمعات المحلية، والمساهمة في الاقتصاد بما تملكه من خبرات ومهارات، ستلعب الأسر العائدة دورًا في تنشيط الاقتصاد المحلي والمساهمة في جهود التنمية.
فترة اللجوء في مصر قد تكون أكسبت بعض أفراد الأسر السودانية مهارات وخبرات جديدة يمكن أن تساهم في تطوير المجتمع السودانى بعد العودة، وعودة الأسر التي عاشت في بيئات مختلفة قد تثري التنوع الثقافي في السودان وتساهم في بناء مجتمع أكثر انفتاحًا وتسامحًا، وقد تواجه بعض الأسر صعوبات في التكيف مع الأوضاع الجديدة في السودان بعد فترة طويلة من الغياب، وقد تحتاج إلى دعم خاص للتغلب على هذه التحديات.
في الختام، يظل اليوم الدولي للأسرة تذكيرًا بأهمية التكاتف والتضامن مع الأسر التي تواجه صعوبات، وخاصة تلك التي اضطرتها الظروف القاسية إلى النزوح واللجوء. إن دعم الأسر السودانية في مصر خلال فترة لجوئها وتهيئة الظروف المناسبة لعودتها الآمنة والكريمة إلى وطنها بعد انتهاء الحرب يمثل مسؤولية إنسانية وأخلاقية. فمن خلال دعم هذه الأسر وتمكينها، يمكننا أن نساهم في تخفيف معاناتها وتعزيز قدرتها على لعب دور إيجابي في بناء مستقبل أفضل للسودان. إن الأسرة هي القلب النابض للمجتمع، وسلامتها وازدهارها تزدهر الأوطان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى