راي

*شاهيناز القرشي تكتب ..**علي كرتي خازن الأموال والسلطان يقطع راس المؤتمر الوطني* ــ بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

*شاهيناز القرشي*

بعد سقوط حكومة الإنقاذ نقل حزب المؤتمر الوطني أموال ضخمة لحسابات خاصة المتصرف الوحيد والشخصي فيها هو علي كرتي، مئات الملايين من الدولارات من أموال الحركة الإسلامية المنهوبة من الدولة والتي كانت تدار بواسطة مؤسسات وشركات لصالح الحزب تحولت لكرتي، علي كرتي المتهم بالتخلي عن القيادات داخل السجون لينال هو كل الحظوة والسيطرة، بل هنالك اتهام له من الإسلاميين مؤيدين إبراهيم محمود، بأنه هو من انقذ حياة حميدتي عقب الإصابة وأنه نقل حميدتي بسيارة اسعاف لجنوب السودان لينقل بعدها للعلاج في دولة مجاورة، وللخلاف جذور اعمق فهذا المتصرف الوحيد اصبح يمنح ويمنع حسب رؤيته وتقديره الخاص وحسب قرب الأشخاص منه واهميتهم بالنسبة له، فتم التضييق المالي بشكل متعمد على القطاعات (الدنيا) من الحركة الإسلامية بعد الثورة السودانية، هذه القطاعات هي التي كانت تشغل الوظائف الإدارية الصغيرة أو غير المهمة، بينما تم منح البعض ما أمن حياته وحياة اسرته سواء داخل السودان أو خارجه، تململت القطاعات الدنيا من هذا الوضع، فطالبتهم قيادات ورؤوس المؤتمر الوطني بالتحرك لاستعادة مجدهم السابق ووعدوهم بوعود جيدة، فشاركت قطاعات منهم في فض الاعتصام على راسها كتيبة البراء بن مالك تحت مسمى الدفاع الشعبي، وبعد فشل الهدف من فض الاعتصام وإصرار الشعب على العودة للشوارع في 30 يونيو نكصت هذه القيادات عن وعدها للقطاعات الدنيا، ويرى بعض الإسلاميين أنهم تعرضوا للظلم والاتهام والتجريم في جريمة فض الاعتصام ولم يتم حمايتهم كما يجب مع أنهم كانوا ينفذون أوامر عليا، إذن تم تجريمهم ولم ينالوا ما وعدوا به، وهم في غالبيتهم شباب وصغار موظفين من الصف الثاني والثالث.
تحت ضغط التضييق المالي وخطر التفكيك عادت الحركة الإسلامية لمطالبة هذه القطاعات بالتحرك لاستعادة المجد القديم فحركوا مسيرات الكرامة واعتصام القصر، وجاء انقلاب 25 أكتوبر الذي أعاد الحركة الإسلامية من اول ساعة، مما فجر خلاف بين شركاء الانقلاب البرهان و حميدتي الرافض لهم مما جعل منه حجرة عثرة .
يوجد هنا نقطة مهمة يجب ملاحظتها عودة بعض من القطاعات الدنيا من المؤتمر الوطني لوظائفهم تعني أن من سيدفع لهم هو الدولة وليس علي كرتي الذي يحافظ على القوة المالية قدر استطاعته، ودفعت لهم الدولة أموال مهولة كتعويضات واعادت لهم ما اخذته لجنة تفكيك التمكين.
بدأت هذه القطاعات ترى في نفسها أنهم من أصلح ما أفسده صقور المؤتمر الوطني وتحملوا وحدهم تبعات غضب الشعب بينما هرب المتنفذين بأموالهم واولادهم وحتى الذين ادخلوا للسجون من القيادات تمتعت أسرهم بالرفاهية، اذن يجب أن تتغير القيادة لتتغير الموازين، القيادة الجديدة يجب أن تكون منهم وهذا عصرهم. وفشلت خطة العودة السلسة المتوقعة عقب الانقلاب، كما فشلت بعد فض الاعتصام بسبب المقاومة الثورية والرفض العالمي للإخوان المسلمين وكذلك بسبب هذا التضارب في المصالح بين قطاعات المؤتمر الوطني فيما بينها، فهو حزب تضخم بسبب المصالح المرجوة من الانتماء إليه، وكذلك تضاربت مصالح بعض افراد المؤسسة العسكرية مع أهداف قيادات المؤتمر الوطني، ومع اقتراب تنفيذ الاتفاق الإطاري أصبحت القطاعات الدنيا مهددة مرة أخرى بفقدان ما استعادوه من أموال وسلطان وامل في غداً افضل، وكذلك ستعود لتضغط الراس المالي المتمثل في علي كرتي ليفرج عن بعض أموال الحركة الإسلامية، لذلك تحركت قيادات المؤتمر الوطني واستنفرت هؤلاء في تجمعات إفطار رمضان الشهيرة التي سبقت الحرب وأعدوهم لدخول المعركة، ومن الطرائف التي يتندر بها بعض الكيزان أن قائد كتيبة البراء أبن مالك كان يذهب للكلية الحربية في نهار رمضان ليقنع الضباط بأهمية سلاح المسيرات ولم يعيروه الكثير من الاهتمام وأن هؤلاء الضباط الآن يحتاجون لأيام لمقابلة المصباح قائد كتيبة البراء بن مالك، بالنسبة لهم هي طرفة بالنسبة لي كانت استعداد لإشعال معركة غير قادرين على ادارتها، ولم يعلموا خطورتها على الشعب أو ربما علموا ولم يكن ذلك مهماً للحركة الإسلامية.
*سيف المال قاطع الاوصال*
من الواضح أن من يخوض الحرب الميدانية مع الجيش هي نفس القطاعات الدنيا من المؤتمر الوطني التي تحملت التضييق المالي وخاضت المسيرات ونفذت الاعتصام الطامحين لقيادة جديده تخرج الأموال والوظائف والمنح من يد علي كرتي ودائرته القريبة من قيادات المؤتمر الوطني التي منحت المال والتوسعة على أساس اسري في المقام الأول، بينما تركت القطاعات الدنيا او الجسد المقاتل لمواجهة كل شيء دون دعم مالي يذكر بل لم يتكلفوا بعلاجهم بعد الإصابة، وفي المقابل نال المتصلين بالرأس كل شيء حتى العلاج خارج السودان لمصابيهم ومرضاهم، فكانت رئاسة إبراهيم محمود هي اول الخطوات لانتقال عناصر القوة للقطاعات الدنيا، حيث شرع إبراهيم محمود في تكوين هياكل جديدة للحزب ليبعد عن دائرة النفوذ القديمة التي يحكمها علي كرتي وعلي عثمان، ويبدو أن نافع علي نافع يفضل الانضمام لمجموعة إبراهيم محمود ويساندهم ايضاً محمد عطا المولى مدير جهاز المخابرات السابق ويجب الإشارة إلى أن محمد عطا كان حليف لطه الحسين ذو العلاقات الممتازة مع دول الخليج.
رفض إبراهيم محمود أن يظل كقيادة صورية للحزب مما هدد بانقسام يفصل الراس المالي عن الجسد المقاتل وهذا الانقسام حتمي وليس هنالك مفر منه، لأن الرضاء بالمقسوم يعني أن تظل القطاعات الدنيا في مكانها يتحملون كالأرض ما تجود به سماء كرتي التي لا ترسل إلا المهام الثقال وفتات الأموال، وتظل القيادة والسلطة والثراء في مكانها وتقسم بنفس الطريقة التي تحابي على أساس اسري في المقام الاول، ولن يقبل الجسد المقاتل بأن يظل رافعة لهذا لرأس ولن يقبل الرأس بالتنازل عن كل ما يملك، فهذه خسارة عظيمة والنزول عن هكذا مسرح لا تطيقه النفس، لذلك تم فصل إبراهيم محمود واختيار أحمد هارون وهو اختيار تقتضيه المصالح المالية وحتى السلطوية فاحمد هارون المطلوب للعادلة صاحب الخلافات الشخصية مع حميدتي لن يقبل بانتهاء الحرب دون أن يحقق مطالب صقور المؤتمر الوطني بينما إبراهيم محمود وزمرته لا يعانون من نفس الضغوط ومع موالاة محمد عطا لهم، يمكنهم أن يصلوا لصيغ سلام من خلال المفاوضات، وهذا ضد مصالح الراس المالي حتى الآن، هذا التشبث سيفتت الجسد المقاتل قريباً مما سيجعل الراس المالي يلتصق بالجيش كتشوه جديد قديم وتجدر الإشارة إلى أن علي كرتي في اول الحرب طلب من قيادات الجيش تبني موقف المؤتمر الوطني بشكل واضح وقام البرهان برفض هذا الطلب جاءت هذه المعلومة على لسان احد أعضاء الحركة الإسلامية ككل المعلومات التي اعتمدت عليها في تحليلي اخذتها من اخوان مسلمين غاضبين على الراس المال.
*إلى اين سيقود هذا الوضع*
سيقود إلى مفاصلة يتبنى فيها كل طرف رؤيته الخاصة للحرب وهذه المفاصلة ستؤثر وتتأثر بالرؤى المختلفة لمسار الحرب داخل الجيش، ولكنها ستقضي على الجسد المقاتل المدعوم بالنفوذ المالي والسلطوي الطامح لأن يصبح الراس ولكن سيذوب هذا الجسد بفعل الانقسامات، ويحتفظ الراس بمكاسبه المالية على الأقل ولكن ليس السلطوية.
واعود وأكرر هذه مفاصلة حتمية ليس هنالك طريق لتفاديها مالم يرضى أحد الأطراف بقسمته، أي أن تظل الطبقة الدنيا في مكانها ويظل الراس في مكانه وتقبل بذلك الطبقة الدنيا، أو يتنازل الرأس المالي والسلطوي ويقبل بانتهاء دوره وتهميشه، وفي تقديري هذا لن يحدث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى