راي

شاهيناز القرشي تكتب …*انتقال خطاب بل بس للدعامة* _ بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

*شاهيناز القرشي*

هنالك مفهوم خطير يجب أن يعيه الجميع ولتتقبل هذا الكلام يجب أن تضع مشاعر الغضب والانتماء والأماني في جيبك وتقرأ بعقلك فقط.

بغض النظر عن من الذي يقاتله الدعم السريع وأين يقاتل وكيف يقاتل في كل الحالات هو إنجاز للجيش السوداني وليس لحميدتي ولا لقبيلة ولا لجهة معينة، فقد سبقته عشرات حركات التمرد وفي أفضل أوقاتها لم تستطع أن تتمدد خارج مناطقها القبلية وكانت قياداتهم أكثر تعليماً وتدريباً من حميدتي وعبدالرحيم دقلو، وكمثال الحركة الشعبية بقيادة جون قرن ظلت حبيسة الجنوب وظل القتال محصوراً هناك، أمّا عن حركة العدل والمساوة عندما وصلت بقيادة خليل أبراهيم إلى أمدرمان تكسرت على أبواب المدينة ولم تستطيع أن تصمد ليوم واحد، الفارق الوحيد بينهم أنّ الدعم السريع هو صنيعة المؤسسة الرسمية وسخرت له الموارد التي تُسخر للجيوش،

فاذا قلنا أنّ الجيش أخطأ في صنيعته عندما حصرها بمكونات قبلية محددة، وعندما ترك قيادة هذه القوات في يد أسرة هذا لا ينفي أنّ الجيش صنع قوة ضاربة قوية قادرة على تحقيق انتصارات على الأرض، ويمكنها أن تجعل كل مترصد خارجي يهابك، و إذا لم تكن مشاعرك في جيبك فغالباً أنت الآن غاضب لأنك تقف مع الجيش ولا تفضل أن تنسب صنع الميليشيا المجرمة للجيش ولا تريد الاعتراف بأنها تشكل شيئاً جيداً نسميه إنجاز ووصفها بالقوة يجعلك تغلي غضباً، أو غاضب لأنك تقف مع الدعم السريع ولا تفضل أن ينسب فضل قوة و تكوين وخلق الدعم السريع للجيش ولعقول خرجت من الكلية الحربية استطاعت أن تحدد صفات معينة في فئات بعينها تشكل خامة ممتازة لجندي شجاع، ولكنها الحقيقة ولا يمكن نفيها عبر حقيقة مقابلة.

أرى هذه الأيام تطور خطاب بعض الداعمين لقوات الدعم السريع نحو فكرة (بل بس) ومناداتهم بالحسم العسكري منتشين بالانتصارات التي تحققت على الأرض وبالتعامل من المجتمع الدولي بما فيه من الاعتراف بالدعم السريع كقوة يجب مفاوضتها، موقف المجتمع الدولي تكون نتيجة لاقتناعه أن الدعم السريع لم يبدأ الحرب وسبب هذه القناعة كان أتصال حميدتي بكل أعضاء الآلية الرباعية قبل انطلاق الرصاصة الأولى وأخبرهم عن وجود قوات تحاصر قواته في المدينة الرياضية واتصل فولكر ببرهان ليسحب هذه القوات ولكنه لم يفعل وهاجموا المدينة الرياضية،

بالإضافة الى توافق ما يقوله الدعم السريع مع رؤية المجتمع الدولي حول ايقاف الحرب، فما أن تأتي دعوة للتفاوض حتى يرد عليها الدعم السريع بالموافقة دون شروط مما يضع الجيش في خانة الرافض للسلام، وربما يقول قائل أن الدعم السريع مستمر في الحرب ويتمدد كل يوم ويقول أنه سيذهب للسلام، هذا حديث آخر فالحرب مستمرة حتى الآن ولا يوجد اتفاق ملزم للطرفين وبالنسبة للمجتمع الدولي لم ينفذ أي طرف ما جاء في اتفاق جدة حتى يتوقف القتال مما يحافظ على وضع المساوة بين الطرفين.

السؤال هو ماذا لو تبنى الدعم السريع بشكل رسمي خطاب الحسم العسكري؟ سيتساوى مع الجيش في رفض السلام مما سيفقده ميزة التوافق مع رؤية المجتمع الدولي وحينها سيبدأ العالم في خطوات تكسير انتشاء الدعم السريع بانتصاراته ويستطيع الجيش أن يستغل هذا الفراغ ليخطو نحو المجتمع الدولي بموقف يعتبر مقبول، وهنا ربما تنقلب الطاولة لصالح الجيش خارجياً، وحتى داخلياً عندما يتبنى الدعم السريع الحسم العسكري بشكل رسمي فهذا يعني تبدل كثير من المواقف السياسية فالدعم السريع كما أسلفنا في غالبيته يرتكز على مكون قبلي وجهوي نعم تم تطعيمه ببعض العناصر من القبائل الأخرى ولكن هذا لم يغير التركيبة الأساسية لهذه القوات،

وفي هذه الحالة سيكون الصراع لنقل الحكم من دكتاتورية الجيش الى دكتاتورية الدعم السريع، وإذا كنا قاومنا دكتاتورية البشير والبرهان لا يوجد سبب يجعلنا نوافق على دكتاتورية الدعم السريع الذي لا يمثل المؤسسة الرسمية ولا حتى كل عناصر السودان، السؤال هو إذا اراد الدعم السريع فرض سيطرته على كل اقاليم السودان كيف سيسوق هذه الفكرة ؟ بأنه أنتصر على جيش لم يحمي هذا الشعب؟ لن يرى الإنسان في هذه المناطق هذا المسوق مقبول وستبدأ مقاومة لحكم الأمر الواقع الذي يشبه الاحتلال وستدخل البلاد في عدم استقرار ربما يؤدي لتفتت السودان،

خطاب بل بس من مؤيدين الدعم السريع هو خطاب عاطفي استفزه خطاب البلابسة ولكنه يفتقد للرؤية الكاملة للوضع ويبنى على الاستهانة بتصرفات المجتمع الدولي العقابية، هلا منحنا المستهترين بتأثير العقوبات اسم دولة وقعت عليها هذه العقوبات والمقاطعة وتعتبر دولة تتمتع بالأمان والنمو والرفاه ويمكن للمواطن أن يعيش فيها سعيداً؟ ومن لم يرى العبرة في تاريخ السودان بحروبه وظلمه وفساده الذي افرز بلد ضعيفة فقيرة ويريد أن يعيد نفس التصرفات لصالح جهة أخرى هو مجرد مقلد فاشل لتاريخ سيء وموعود بمستقبل أكثر فشلاً .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى