راي

*شاهيناز القرشي تكتب ..**ما هو تاريخ السودان الذي سيتحرك على أساسه ترامب؟* ــ  بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

 

*شاهيناز القرشي*

تفسير حديث ترامب الخاطئ يثير الكثير من الجدل، فقد قال ترامب: كنت أظن أن ما يحدث في السودان بسبب عدم وجود حكومة وبسبب المرتزقة (وهذا ما كان يظنه ترامب وليس ما قاله الأمير محمد بن سلمان)، ولكن محمد بن سلمان حدثني عن الأشياء المروّعة التي تحدث هناك، وحدثني عن (تاريخ) السودان، وأنا سأتدخل (بقوة) لإنهاء الصراع في السودان.
الكلمات بين الأقواس مهمة جداً، ولكن دعونا نركز على الكلمات التي بُتِرَت من تفاصيلها.

ترامب لا يمكن ألّا يعلم عن السودان، فقد تحدث مع حمدوك والبرهان في مكالمة جماعية مع نتنياهو، وهو من رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب بعد أن استلمت أمريكا تعويضات المدمّرة كول، وأرسل مبعوثه الخاص ليكون شريكًا في الرباعية. لذلك قال إن التدخل لم يكن من مسؤولياتي بما يفسر أنه كان من مسؤولية الدوائر السياسية المشاركة في الرباعية بقيادة مسعد بولس.

كلمة هنالك بقعة على الأرض هي تعبير مجازي قاله الأمير محمد بن سلمان ليصف حرب السودان المنسية. وما يؤكد هذا الحديث الجملة التي قالها ترامب: كنت أظن أن ما يحدث هناك بسبب غياب الحكومة ووجود المرتزقة أو لسبب أو لآخر. إذن، لا يمكن أن يكون لدى ترامب تفسير لما يحدث في بقعة هو لا يعلم عنها شيئًا، فقط كانت لديه معلومات وتمّ تصحيحها.

نعود للأقواس: ما هو التاريخ الذي تحدث عنه الأمير محمد بن سلمان وجعل ترامب يلتفت إلى أهمية السودان؟
هل هو تاريخ نبتة وكوش وسلاطين دارفور؟
أم هو تاريخ العلاقات الأمريكية–السودانية، خصوصًا في عهد الإنقاذ، وارتباط اسم السودان بأسامة بن لادن، والعلاقات السودانية–الإيرانية، وسيطرة السودان على سواحل مهمة في البحر الأحمر ربما تشكل تهديدًا للعديد من الدول المتحالفة مع أمريكا؟

ولنتذكر أن إسرائيل قصفت شاحنات سلاح كانت في طريقها إلى حماس في 2009، وفي قصف جوي آخر عام 2011 قتلت المواطن السوداني عيسى هداب على بعد 15 كيلومترًا من بورتسودان باعتباره يهرّب السلاح لحماس.

أعتقد أن التاريخ الذي ذكره الأمير محمد بن سلمان لترامب هو تاريخ يذكّره بأن إهمال السودان وتركه لجماعة الإخوان المسلمين ربما يجعله ورقة جيدة في يد إيران والصين والإرهاب. ومع ما يمتلكه السودان من موارد، فلا بد أن ترامب قد رأى في السودان ما يستحق أن يتحرك بقوة لأجله، وعندما يأتي هذا الطلب من شريك مهم وقوي مثل السعودية فإن ترامب سيتحرك ليحقق مصالح هذا الشريك المهم.

بالإضافة إلى تركيز ترامب على وضع إنجازات تعزز فكرته التي يروّجها عن نفسه كصانع سلام يستحق جائزة نوبل، فإن إنهاء أسوأ كارثة إنسانية في العالم – كما توصف حرب السودان – يعتبر إضافة جيدة لملف الرجل لدى لجنة اختيار الفائز بالجائزة القادمة.

سيتحرك ترامب بسرعة وبطرق فعّالة، ربما لا تشبه الطرق التقليدية التي تتبعها أمريكا، بل تشبه الضربة التي وجهها لإيران وخرج بعدها ليعلن انتهاء الحرب، أو مثل إعلانه انتهاء الحرب بين الهند وباكستان دون مشاورات تُذكَر.
وبما أن السودان ليس لديه ارتباطات تجارية واسعة بأمريكا ليستخدم ترامب سلاح الجمارك، فإن ترامب سيستعين بحلفائه في المنطقة ليحددوا الطريقة التي ستنتهي بها هذه الحرب. وأول وأقوى حليف في هذا الملف هو السعودية، تليها الإمارات، ثم إسرائيل، ثم مصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى