
ففي زمن الشدائد، تُصنع المواقف التي لا تُنسى. وقصة الممرضة السودانية التي وجدت نفسها في قلب العاصفة، ليست مجرد حالة خطأ طبي عادي، بل تجسيد حي لواقع يواجهه آلاف العاملين في المجال الطبي يومياً، خاصة أولئك الذين يعملون بروح التضحية، لا الوظيفة.
هذه الممرضة، التي كانت في قسم العناية المكثفة للأطفال وكل من يعرف هذا القسم يعرف أن كل طفل في العناية بحاجة لممرض خاص به، يراقب أنفاسه، نبضه، حرارته، تحركاته وحتى بكاءه. لكن بفعل نقص الطاقم، وبدلاً من أن يكون لكل طفل ممرض، كانت هي وحدها تسهر على ثلاثة أطفال في آنٍ واحد. فأين العدالة في محاسبة من سدّ الثغرة، لا من تركها
حدث خطأ طبي، نعم، لكنه لم يكن نتاج إهمال أو جهل، بل بسبب نظام منهك ومستشفى لم توفر العدد الكافي، فحُمّلت هي وحدها مسؤولية منظومة بأكملها. وفرض عليها دفع مبلغ ضخم يتجاوز 800 ألف ريال
لكن هنا يبدأ الوجه الآخر من القصة… *وجدان السودانيين.*
بمجرد انتشار القصة، تحركت القلوب قبل الجيوب. وفي قروب المهندسين الطبيين تعالت الأصوات، وتم تداول المنشور، وبحمد الله، وفي زمن قياسي، تم جمع المبلغ كاملاً هذا ليس فقط دعم مادي، بل رسالة تراحم كلها إنسانية
هذه القصة لم تكن فقط عن الخطأ الطبي، بل عن بطلة سدت ثغرة، وضُربت. وعن شعب لم يصمت، فنهض ليكفكف دمعها ويمسح وصمة العار عن جبين المنظومة التي خذلته
هذه الحادثة كانت ناقوس خطر، صحّت كل السودانيين في المملكة. فبدات التوعية في القروبات و في أماكن العمل، وبين الزملاء، الكل بدأ يسأل:
عندك تأمين مهني؟
والجميل إنو الغالبية لقوا إنو التأمين ما مكلف، أقل من ألف ريال، وأحياناً يزيد شوية بس بيحميك من دمار كامل.
لكن،هنالك جانب مؤلم لابد ان ينتبه إليه السودانين فمثل هذه
القصص ربما تكون سلاح ذو حدين وأي سعودي يحصل معه موقف شبيه لذلك ، يقول:
“أطلبوا السودانيين… هم بدفعوا!”
وده مؤسف، لأنو هذه الحكاية ما مجرد جمع تبرعات…
هي موقف إنساني، مش قانون دائم.
والأخطر
الحالة الحالية، ما كان مفروض تتحملها الممرضة أصلاً،* حتى لو كانت في الوردية.
المستشفى مسؤول، والقصور واضح.
الحذر واجب، مش بس على الممرضين… فقط فالكل لابد ان
جاهز بالتقارير
وصدق الشاعر عندما قال
ديل اهلي .. ديل اهلي ..
يفضلوا الغير على ذاتم
يقسموا اللقمة بيناتم
ويدّوا الزاد حتى ان كان مصيرم جوع
ديل اهلي .. ديل اهلي ..