✍️ منى حمزة تكتب .. النشاط التربوي.. رئة التعليم التي تتنفس بها الإبداعات ــ بعانخي برس
بعانخي برس

يمثل النشاط التربوي جزءاً أصيلاً من العملية التعليمية، فالرياضة والثقافة والفنون والمهارات والتكافل المجتمعي – على الرغم من كونها أنشطة غير أكاديمية – تساهم بشكل فاعل في تطوير وتعزيز وتجويد الأداء الأكاديمي، بل وتؤدي إلى التفوق فيه في كثير من الأحيان.
ومن ناحية أخرى، تمثل الأنشطة التربوية نافذة لاكتشاف المواهب والمهارات والميول والحرف التي تتجاوز الإطار الصفي التقليدي. فهي تمثل الورشة الحقيقية التي تُصقل فيها شخصيات الطلاب خارج نطاق الفصل الأكاديمي.
ويظل النشاط التربوي جزءاً أصيلاً في نجاح المناهج الأكاديمية للطالب، فالكثير من هذه الأنشطة يجعل الحالة النفسية للطالب مستقرة بل ومتفائلة، مما يهيئه لتقبل المعلومات العلمية والمناهج الدراسية بذهن منفتح وقلب متسع.
ويأتي طابور الصباح كأول الأنشطة غير الصفية وأهمها، عبر كل المراحل التعليمية من الرياض الأطفال حتى المرحلة الثانوية. فهو ليس مجرد وقوف منتظم، بل مقدمة لرسالة تعليمية هدفها تحضير الأذهان لاستقبال اليوم الدراسي. فحين يلمح الطالب حضور معلمي الحصة الأولى مكتملاً، يستعد ذهنياً لتلك الحصص وبقية حصص اليوم. وفي طابور الصباح أيضاً، يُخرج الطلاب مواهبهم وإبداعاتهم الثقافية والفنية، التي قد ترى النور ويكون لها حظ أوفر في المستقبل.
وتأتي الدورات الرياضية كإحدى الركائز الأساسية للأنشطة التربوية غير الصفية، فالعقل السليم في الجسم السليم. كما أن المهارات الرياضية تخفف الضغط النفسي، وتحسن صحة الدورة الدموية والجهاز التنفسي، مما ينعكس إيجاباً على الاستيعاب الأكاديمي وجودة التحصيل الدراسي. وتظهر الإحصاءات أن الطلاب الذين يمارسون الرياضة في الفرق المدرسية يحققون درجات ممتازة في التحصيل الأكاديمي مقارنة بأقرانهم غير الممارسين للرياضة. ولا تقتصر الرياضة على كرة القدم فحسب، بل تشمل تنس الطاولة والكرة الطائرة والكراتيه والشطرنج – كرياضة عقلية متميزة – والسباحة وركوب الخيل، وجميعها رياضات تخدم صحة الجسم والعقل معاً.
ولا نغفل عن الأنشطة التربوية الأخرى التي تكتشف المواهب الفنية في طابور الصباح كالغناء والموسيقى والمسرح، أو تبرز موهبة الرسم في نشاط الفنون، أو تظهر ملكة الكتابة للإبداع الشعري والقصصي في نشاط المكتبة المدرسية. كما تكتشف هذه الأنشطة الشجاعة الأدبية والحس الإعلامي والقدرة على الخطابة الجماهيرية والنقد البناء وقبول النقد، بالإضافة إلى الميول الصحفية والشخصية الدرامية والمسرحية، وذلك عبر نشاط الجمعيات الأدبية التي تمثل جزءاً مهماً من النشاط التربوي المصاحب للمناهج.
وبالتالي، يمثل النشاط التربوي بمختلف أقسامه وأنواعه جزءاً أصيلاً من نجاح العملية التعليمية والتحصيل الأكاديمي. وتأتي الأنشطة الرياضية – وتحديداً كرة القدم للطلاب – في مقدمة هذه الأنشطة، حيث تؤكد سيكولوجية البنين صعوبة توجيههم والحفاظ على التزامهم داخل الفصول لساعات طويلة دون ملل. لكن عند تفريغ طاقاتهم الزائدة عبر الرياضة في طابور الصباح، تتحسن الجاهزية العقلية للاستيعاب بشكل ملحوظ. وكل إداري تربوي يدير مدارس البنين يهتم بالجانب الرياضي إلى جانب المناهج والتحصيل العلمي، يصل حتماً إلى درجات استيعاب أكبر ونتيجة مميزة.
ولا يعني الاهتمام بالرياضة في المدارس – وخاصة الثانوية – البحث عن لاعبيْن أو هدافيْن على حساب الجانب الأكاديمي، كما يظن بعض العامة الذين لا يدركون أن النشاط التربوي يمثل جزءاً أساسياً من العملية التربوية وشرطاً لنجاحها.





