ندي عثمان عمرالشريف تكتب .. معركة الكرامة إنتصارات خلفها دماء زكيه وتضحيات جسام ــ بعانخي برس
بعانخي برس

هذه المعركة (الكرامة).. كانت خلفها دماء وتضحيات
ليست كل المعارك تُقاس فقط بعدد الرصاصات، ولا تُختصر في مشاهد الاشتباك على أطراف المدن. بعض المعارك تحمل في جوهرها قصة أمة، وصرخة شعب، وعزيمة لا تنكسر، كما في معركة “الكرامة” — تلك التي لم تكن مجرد حدث عابر في دفتر الحرب، بل لحظة فاصلة في تاريخ الوطن، تُسَطَّر بمداد الدماء، وتُخلَّد بأسماء الشهداء.
الكرامة.. حين يتحول الدفاع إلى نهوض
في ظل الانهيارات الوطنية والخذلان الإقليمي والدولي، نشأت هذه المعركة كأحد تجليات الإرادة الشعبية، التي قررت أن تقول “لا” للذل، و”نعم” للكرامة. ما بدأ كصراع مسلح، سرعان ما تحوّل إلى موقف أخلاقي، حيث انحاز كثيرون من أبناء الوطن إلى واجبهم تجاه التاريخ، ووقفوا في وجه التغول والعدوان، دون انتظار مقابل.
التضحيات… لحن الأبطال في أرض النار
كانت الشوارع ساحات شهادة، والمنازل خنادق صمود. لم تكن معركة الكرامة فقط ميدانًا للعسكريين، بل شارك فيها الشعب بجميع أطيافه — الطبيب في المستشفى، والمعلم في المأوى، والمرأة التي خبزت لأبنائها قبل أن تغطِّيهم بالدمع والدعاء والشباب في التكايا يطبخون من أجل أن يسدوا رمق كل جائع ولاننسي ابناء السودان في خارج فهم كانوا نعم السد لتوفير احتاجات الاهل بالداخل
سقط شهداء، وغابت أسماء عن البيوت، لكنهم ظلوا حاضرين في كل ركن من أركان الحكاية. إن هذه التضحيات ليست فقط فصولًا من الألم، بل هي أعمدةٌ يرتكز عليها البناء القادم.
ما بعد المعركة.. هل نفي بوعد الدم؟
انتهت المعركة في مظهرها، ولكن الحرب الحقيقية تبدأ حين ننشئ دولة تُعلي من قيمة الإنسان، وتُعافِي ما أفسدته البنادق. لا يُمكن أن تذهب تضحيات “الكرامة” هباءً، إذا ما عدنا للصمت، أو عجزنا عن صناعة واقعٍ يليق بما دفعناه من أثمان.
إن مسؤوليتنا الآن أن نكون أمناء على دماء من مضوا شهداء ، وأن نحول هذه المعركة من ذكرى إلى نهج وطني دائم: في الحكم، في العدالة، في التنمية، وفي الاعتراف بحق الإنسان في الحياة والكرامة.
الكرامة ليست شعارًا.. بل مسار
ما حدث لم يكن مجرد لحظة غضب شعبية، بل تعبير حي عن ميلاد جديد للأمل، مهما كان مؤلمًا. ستظل معركة الكرامة رمزًا لمن قاوم وواجه، وعنوانًا لفجرٍ قادم تُصنع فيه الأوطان من جديد، بعرق الشرفاء، لا بصفقات الطامعين.