راي

ندي عثمان عمرالشريف تكتب … تشابه سيناريوهات استهداف الغرب للدول العربية ــ بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

 

إن المتتبع لتاريخ العالم الإسلامي
المعاصر يلحظ بوضوح تشابهًا كبيرًا في السيناريوهات التي استهدفت عددًا من الدول، لا سيما السودان واليمن. فقد اتبعت الجهات المعادية، وعلى رأسها القوى الغربية والامبرياليه العالمية، مخططًا متدرجًا يسعى إلى تفكيك وحدة هذه الدول، وضرب تماسكها الاجتماعي والعسكري، وتعطيل أي مشاريع تقارب أو توحيد يمكن أن تُشكل تهديدًا للهيمنة الغربية على المنطقة.

تقوم هذه المخططات، غالبًا، على مبدأ “تفتيت الكيانات من الداخل”، عبر توظيف أدوات محلية متمثلة في أفراد وجماعات من أبناء الوطن ذاته، ممن ارتضوا أن يكونوا خنجرًا مسمومًا في خاصرة أوطانهم. هؤلاء “خونة الداخل”، بما يمتلكون من معرفة بالبيئة الاجتماعية والسياسية، يسهمون في إضعاف الدولة، وتهيئة المناخ لتدخلات خارجية مباشرة أو غير مباشرة، كما حدث في كل من اليمن وليبيا وسوريا…

– تجربة اليمن: القبيلة بدل الدولة

في اليمن، ساهم الطابع القبلي في تآكل مؤسسات الدولة، حيث لم تتشكل نواة جيش وطني موحد بمعايير مهنية راسخة. وقد أدى ذلك إلى تسرب الولاءات لصالح جماعات مسلحة، بعضها مدعوم إقليميًا أو دوليًا، ما جعل البلاد ساحة لصراع مفتوح متعدد الأطراف. تفكك الجيش اليمني كان مقدمة لانهيار الدولة، وسمح بسيطرة ميليشيات على مناطق واسعة، وتكريس الانقسام السياسي والجغرافي..

#اماالحالة السودانية: صمود المؤسسة العسكرية..

– أما في السودان، فرغم استهدافه بمخطط مشابه، فقد أظهر صمودًا نسبيًا كان من أبرز أسبابه تماسك القوات المسلحة السودانية. فهذه المؤسسة العريقة، التي تمتد جذورها إلى أكثر من قرن من الزمان، بُنيت على عقيدة وطنية متينة، ظلت عصية على الاختراق رغم المحاولات المتكررة لإضعافها أو تفكيكها…

– لقد شكّلت القوات المسلحة السودانية درعًا حاميًا للدولة في وجه المشاريع الهدامة، بدءًا من الانقلابات السياسية المدعومة خارجيًا، إلى التمردات المسلحة التي تغذيها قوى إقليمية ودولية، وصولًا إلى المحاولات الأخيرة التي تقودها ميليشيات مدعومة بوضوح من دوائر استخباراتية خارجية. ما يميز السودان في هذا الإطار هو بقاء نواة الدولة قائمة، رغم محاولات تشظيتها، وذلك بفضل مركزية الجيش السوداني وثقافته المؤسسية التي تجاوزت البنية القبلية أو الجهوية.

#الخلاصة

– إن العبرة الكبرى من هذه التجارب أن العدو الخارجي، مهما بلغت قوته، لا يستطيع التغلغل دون الاستعانة بخونة الداخل. وأن الحصن الحصين للدولة يتمثل في وجود مؤسسة عسكرية وطنية، ذات عقيدة راسخة، ومستقلة القرار. ويُعد السودان نموذجًا مهمًا في هذا السياق، إذ ما تزال قواته المسلحة تمثل حائط الصد الأول في وجه المخططات الاستعمارية الجديدة، وتحظى بثقة قطاع واسع من الشعب السوداني.

– من هنا، تبدو الحاجة ملحّة لتقوية الجبهة الداخلية، وترسيخ مفاهيم الولاء الوطني، وفضح العملاء والمتواطئين مع الأجندات الأجنبية. كما يجب تعزيز التكامل بين الدولة ومؤسساتها السيادية، وعلى رأسها القوات المسلحة، لتفويت الفرصة على المتربصين بمستقبل الأمة…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى