
مقولات عديدة يتداولها الناس حول الليل واسراره والهدوء والسكون والسكينة فيه مثالا لاحصرا الليل غطى الجبال على رهبتها اضاف لها الليل رهبة اضافية،والجبال هى موضع عبادة اهل التصوف وهو المكان المستل من السيرة النبوية غار حراء الذى كان يتعبد فيه النبى صلى الله عليه وسلم.
ومقولة اخرى لولا سواد الليل لماطلع الفجر وعند المغنين مازال الليل طفل يحبو رغبة فى السهر والغناء والبهجة والطرب..
فى قصة الليل يتداول الناس قصص تربط بين ليل الصوفية وليل المغنين ساورد قصتين هنا:
القصة الولى: والعهدة على الراوى ان الشيخ قريب الله القطب السمانى وصاحب الطريقة ذات ليل فى ام درمان عندما تهيأ للقيام سمع صوت مغنى ينشد بصوت شجى:
ياليل ابقالى شاهد على نار شوقى وجنونى
ياليل صار ليك معاهد طرفى اللى منامى زاهد
دن لى سهر واشاهد فوق لنجمك ظنونى..
القصيدة للشاعر صالح عبدالسيد(ابوصلاح)والمغنى عبدالكريم ابراهيم مختار(كرومة)..
سأل الشيخ حواريييه من هذا الذى يغنى فقالوا له كرومة ياشيخنا قال ليهم:نادوووه لى.
وعندما اتاه برفقة الشاعر عمر البنا ،طلب منه ان يغنى له ياليل ابقالى شاهد فغناها له وطرب لها الشيخ قريب الله بترديد عبارة الله الله الله.وقد قال اخو الشاعر عمر البنا مقولة فى اخيه:اثنان يسهران الليل وينامان النهار الكلب والطمبار عمر.
القصة الثانية:والعهدة على
الراوى ان الشريف يوسف الهندى حل ضيفاً فى قرية ود النو احدى قرى الجزيرة جنوب مدنى وافردت له خلوة(قطية) للاقامة بها وبينما هو يتعبد الليل سمع صوت طمبارى يرسل نغماته الشجية فى اخر الليل فامر ان ياتوا له بذلك الطمبارى قال لمريديه الزول دا زولى.
وعندما اتاه طلب منه الشريف ملازمته والجلوس معه فاشترط الطمبارى على الشريف انه لن ياتى له نهاراًحيث يقضى الطمبارى نهاره فى الانداية،وسياتيه ليلا للمبيت معه.وذات ليلة انهمرت الامطار غزيرة واخترقت المياه عتبة الباب الى داخل الخلوة فسدها الطمبارى بجسده ومنعها ان تصل الى فراش الشريف فدعا له الشريف بالصلاح والبركة ،وصار ذلك الطمبارى الخليفة عبدالرازق من اميز خلفاء الشريف يوسف الهندى تعلم القراءة والكتابة بملازمته للشريف عبر ذلك فى مطلع مدحة له قائلا ومريدهم من غير درس يطالع ،وصار مادحا عظيماً للرسول صلى الله عليه وسلم ولشيخه،ارسله الشريف لتاسيس خلوة لتعليم القران بنواحى نهر ستيت.امتدت البركة والفيض لاحفاده المداح اولاد الخليفة الهادى الخليفة عبدالرازق(عمر،عثمان،على،الصديق)الذين حفظوا تراثه وتراث شيخه وقد عمت شهرتهم الآفاق.
وفى الليل قال ابن الابيض محمد المكى ابراهيم:
ان خير الليالى مضت دون ان يطلع الفجر فيها
وان الامانى اذ تشتهيها
تعلقنا من سراويلنا فى الهواء
وقال عمر البنا سليل آل البنا اسرة الشعراء والمغنين المشهورة فى ام درمان:
فى الليل الهاجع غرد ياساجع
اذكر احبابى وهيج اشجانى
ارجوك ياليل حين تقفل راجع
غرد واذكر نوم عينى الناجع
وهجرانى الطال وبكاى وحنانى..
وعلى ذكر الليل لابد من الوقوف عند قصيدة التجانى حاج موسى انا والليل:
انا والليل ومر جفاك مساهرين نحكى للافلاك
لاكملت حكاوينا ولا لقينا البداوينا..
تلك القصيدة التى اداها الفنانان عبدالكريم الكابلى والنور الجيلانى كل بطريقته المميزة ولونيته الاثرة.
انه الليل الذى وحد بين الصوفى والمغنى فى هدأته ونسماته ،فاليل بالنسبة للصوفى مصدر للظلام السرمدى والاسرار الكونية والمناجاة لخالق الكون وهو فى قصص الانبياء مرتبط باعظم المعجزات كالاسراء والمعراج لخاتم الانبياء محمد صلى الله عليه وسلم والليل مرتبط أيضاً بمعجزة لقاء مع سيدنا موسى الكليم بربه فى جبل الطور.
الليل عند المغنى محض ليل هدوء واندياح وطرب وتزجية وقت،كان المغنون يبتدرون وصلاتهم الغنائية برميات عن الليل..
الليل يعنى السكون وحضور الجوارح كلها لذلك هو مصدر تبتل الصوفى والهام الشاعر وابداع المغنى وقصص الحكواتى والحبوبات.والليل فى دورة القمر فى موسم الدرت هو الحصاد واغانى الحصاد،وهو موسم السربة لراعى الماشية المهموم بكلفة مواشيه وتثمينها..
تبآ للذين احالوا ليل السودان الى ترويع وعويل ونهب وسلب،وبددوا سكونه بالمقذوفات من المسيرات والطائرات والمدافع…
#لا للحرب لازم تقيف..