قولا لينا _ د. محمد بشير الامام mohamedemam.tr@gmail.com _ تقنين البيروقراطية _ بعانخي برس
بعانخي برس
قولا لينا
د. محمد بشير الامام
mohamedemam.tr@gmail.com
تقنين البيروقراطية
يوجد في بلادي قوم من بني جلدتنا لا يكتفون بتعطيل مصالح البلاد و العباد فحسب بل يمارسون البيروقراطية بأساليب ابعد ما تكون عن تقدير الإنسان و مراعاة حقوقه في وقته و جهده و ماله و رايه و هذا هو ظلم أولي القربي الذي هو ادهي و أمروكما هو معلوم للجميع اذا كانت الخطيئة من الجاهل شنيعة فهي بكل تأكيد من العالم اشد شناعة فالحدث الغريب الذي أود التعبير عنه أعاد إلي ذاكرتي تعريف المدرسة الأمريكية للخبر الصحفي ومفاده اذا عض الكلب رجلا هذا ليس خبرا و لكن الخبر عندما يقوم الرجل بعض الكلب و عليه فان البيروقراطية اذا أتت من العوام ربما كانت اخف وطأة الا أنها تدمي القلوب و تدمع العين عندما تأتينا من أهل العقد و الحل و اعني بهم رموز القانون و العدالة بالبلاد.
تفاجأ الطلاب الذين جلسوا للامتحان الخاص بممارسة العمل القانوني بالسودان الشهير باسم المعادلة بصدور قرار مجلس تنظيم مهنة القانون بتاريخ 12 أغسطس 2024 و الذي قضي بإلغاء دورة امتحاناتهم للمعادلة التي انعقدت في نوفمبر 2022 و اشد ما اثار حفيظتهم أن المجلس لم يجبر ضررهم وقد ارتكب جملة من الأخطاء في حقهم منها علي سبيل المثال لا الحصر انه تأخر في إعلان نتيجة الامتحانات حيث مكث اكثر من أربعة اشهر بعدها اندلعت الصراعات المسلحة بالبلاد وخرجت الأمور عن السيطرة كما أن المجلس لم يلتزم بتحمل أي عبء ناتج عن قراره المذكور فهو علي اقل تقدير لم يقم بإعفاء الطلاب من رسوم الامتحانات و لم يقدم أي اعتذار لاحد فقط اكتفي بالقول تم الغاء الدورة السابقة و علي الراغبين التسجيل للدورة الجديدة الأمر الذي دفع اغلب الطلاب للامتناع عن التسجيل للامتحان مرة أخري كما قاموا بتكليف محاميين لرفع تظلم ضد مجلس تنظيم المهنة و ذكر بعضهم أن هناك سوابق مشابهة لما حدث فيما يتعلق بالامتحان تم بعدها إنجاح جميع الممتحنين و القانونيون يصفون هذا الأمر بانه مقبول شريطة أن تتم إطالة فترة التدريب من سنة إلي سنتين كما يمكن إجراء امتحانات شفهية.
فيما سبق من ملابسات مؤشر في غاية الخطورة ليس على الممتحنين فحسب ولكن جميع السودانيين الذين يتحتم عليهم الانتباه إلى أن الدوائر القانونية في بلادي علي اعلي مستوياتها لم تنصف منسوبيها وهم علي حق في قضية لا تحتاج لكبير عناء لإثبات استحقاقات الضحايا وتسلط الجلادين فكيف يامن بقية المواطنين سير عملية العدالة في بلادهم بالحد الأدنى من أسس الحفاظ على الحقوق العامة؟ فاذا لم توصل درجة الطمأنينة في دواخل أي مواطن إلى انه بالإمكان اخذ حقه المسلوب من أي شخص حتى ولو كان رئيس الدولة فهو حرفيا تحت وطأة مجموعة من الظالمين المخالفين لقواعد دولة القانون التي تأتي في مقدمتها مساواة الجميع أمام القانون علاوة على حماية الحقوق والحريات الأساسية وتقديم اليات الطعن في أي انتهاكات فما أحوجنا إلى بناء نظام قانوني ومستقل وشفاف.