راي

قولا لينا _ د/ محمد بشير الامام _ الحاجة إلي دستور دائم _ بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

 

الحاجة إلي دستور دائم

أطلق الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما تصريحا بتلقائية يحسد عليها تزامنا مع تأهبه لمغادرة البيت الأبيض وترك الرئاسة مطلع 2017 وهو ابن ال 55 عاما أوضح فيه انه يفتقد السلطة وأنها ستفرق معه فقد اعتاد على بريقها وهيبتها وأضاف بانه يثق في قدرته على الفوز للمرة الثالثة برئاسة أمريكا إلا أن الدستور الأمريكي لا يمنحه فرصة الترشح مرة أخري.

بهذه الكلمات البسيطة لفت أوباما انتباهنا لقصة أطول مأساة تسببت في ازمتانا السياسية باستهلاكها لأوقاتنا الثمينة مع حكامنا الذين تفننوا في ظلمنا وتدمير بلادنا وتفويت أي فرصة لإصلاحها بفرضهم لأنفسهم علينا دهورا مديدة وأزمنة عديدة!! و تتمثل هذه الكارثة المتوارثة في عدم توافق نخبتنا السياسية علي دستور دائم بالبلاد لتنظيم العملية السياسية وتسيير برامجها بسلاسة و نجاح ,

و قبل الحديث عن أهمية الدستور التي افتقدناها في الماضي و نفتقدها في حاضرنا الراهن نلاحظ أن أحزابنا السياسية و مفكرينا و رموزنا القانونية و كل من تربطه صلة بإدارة شئون دولتنا جميعهم فشلوا في امتلاك الجرأة و الجدية الكافية لصياغة الدستور الدائم الذي يعتبر واحدا من اهم عناصر الاستقرار السياسي و الاجتماعي لاي دولة محترمة و ساعية للحاق بركب الأمم المتحضرة و الطموحة و المتطلعة لتحقيق رؤاها المستقبلية الواضحة فالدستور الدائم هو الأساس في تقنين تداول السلطة و قطع الطريق أمام الانقلابيين الانتهازيين المغرمين بالوصول لكراسي الحكم بأسهل الطرق , كذلك وجود الدستور يضمن حماية الحقوق و الحريات الأساسية و يساوي بين جميع الناس بما فيهم الرؤساء انفسهم وما أحوجنا إلي هذا المبدأ المفقود في مجتمعاتنا بسبب التسلط و الاستبداد , إضافة لما سبق فان الدستور يحدد صلاحيات السلطات القضائية و التشريعية و التنفيذية كما يحدد إجراءات الانتخابات و شرو ط الترشح و التصويت و يلعب دورا مهما في تحديد شكل العلاقة بين الدولة و المجتمع الدولي .

عندما يتم تفعيل الدستور الدائم ويتقاسم المواطنون الواجبات والحقوق تحت سماء الوطن الواحد تنحسر تدريجيا الانتماءات الضيقة والولاءات التقليدية والتعصب الأعمى سواء كان للقبيلة أو الجهة أو حتى للفكرة لان هذا النشاز من الأصوات يعلو كنتيجة طبيعية لانخفاض صوت القانون الملزم للجميع فلذا لا بد من حسم معضلة الدستور أولا لكي تتفرغ الدولة للتخطيط السليم وتطبيق السياسات البناءة الفاعلة وتطوير الإنتاج والاستثمار ودعم البحث العلمي وتشجيع الإبداع والابتكار وغيرها من مقومات النهضة والتقدم.

إدارة الدولة بلا دستور أشبه بإقامة كرة قدم بلا حكم وقد كنا نمارسها في ساحات الدافوري أيام الصبا فيتقدم أحدنا إلى الملعب بنية القيام بدور اللاعب والحكم في ان واحد وجميعنا على يقين بان هذا المغامر إذا عدل مرة سيظلم مرات ومرات تماشيا مع معني المثل السوداني الشائع: (من يمسك القلم بيده لا يكتب نفسه شقيا).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى