راي

قولا لينا _د/محمد بشير الامام _ إعلام الحرب و صناعة السذاجة _بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

 

د. محمد بشير الامام

تشير الطرفة الي ان اشعب الاكول ذات مرة لم يجد ما يسد الرمق و بينما كان يتضور جوعا خطرت علي باله فكرة ان ياتي باكذوبة من نسج خياله تفيد بان احد المنازل القريبة بها وليمة كبيرة و الدعوة مفتوحة للجميع فبدا في اخبار الجيران كل علي حدا و هم يصدقون و يذهبون فورا الي تلبية الدعوة ,و المفاجاة ان اشعب عندما شاهد الناس يتسارعون بحثا عن منزل الوليمة الوهمية لم يتردد في السير معهم ظنا منه بان الوليمة ربما تكون حقيقية.

تجسد الطرفة اعلاه قوة تاثير الشائعات و الاكاذيب في المجتمع و التي ترتقع نسبة احتمال تصديقها كلما قلت المصادر الموثوقة القادرة علي تفنيدها و هذا هو الواقع الذي نعيشه مع طرفي الصراع الدائر في السودان فكلاهما يدعي بانه يسيطر بالكامل في موقفه العملياتي و يتفوق علي نده الاخر جملة و تفصيلا و مع هذا التضليل اليومي الذي بلغ مبلغا من النفاق و التلاعب بالعقول أصبح الكاذب يصدق كذبته كما فعل اشعب انفا و يطالبنا نحن بتصديقها .

لا تهمنا كثيرا أبواق المليشيا منتفخة الاوداج حمالة الحطب فماجوريها يصفقون للباطل منذ اشعال الشرارة الاولي للحرب و لكن ما يثير الشفقة علي المواطن البرئ و يصيبنا بالاحباط المنطقي و الموضوعي هو اعلام القوات المسلحة الذي استهلك جميع وعوده الخيالية عن حسم المعركة و الجنجويد يتمددون في البلاد يوما بعد يوم و هاهم في الاونة الاخيرة يستبيحون ارض الجزيرة من اقصاها الي اقصاها و يمارسون ابشع جرائم القتل و التهب و التهجير القسري و اي اعتداءات تخطر علي البال و يبطشون بيد من حديد باهل القري الوادعة البسيطة و يقتلون رجالها و اطفالها و كل من قال لا في وجههم ويعتدون علي المواطنين الابرياء ليل نهار غير ابهين حتي بحرمة شهر رمضان المعظم و من القري المستباحة علي سبيل المثال لا الحصر ابوعدارة وود بهاي و تنوب و سليم و مناقزا و مهلة و ام جريس والولي وود البليلة و العمارة كاسر ووادي شعير والفريجاب و ام بوشة وفطيس و الزبيرات و ام طرفايا و البيلاوي و دلوت البحر وهذا قليل من كثير .

بعد وصولنا لهذه المرحلة من استرخاص دماءنا اري انه من السذاجة تصديق كل ما يقال من القائمين علي اعلام القوات المسلحة و اللايفاتية المؤيدين لها عندما يحدثونا عن حرص الجيش علي أمن المواطنين في الجزيرة او غيرها من اجزاء السودان لانه ان كان كذلك لما فرط في مدينة ودمدني جوهرة السودان اللامعة بتلك البساطة الاشبه بالصفقة المتفق عليها مسبقا و التي لم ينقصها سوي تسليم الزهور و تقبيل رؤوس الدعامة المجرمين القتلة و هم يدنسون المدينة الطاهرة برجسهم الشيطاني الذي لا يمت بصلة للاسلام و لا للانسانية او الاخلاق في حدها الادني بما يوافق الفطرة السليمة والمؤسف و المخذي بان ود مدني حتي كتابة هذه السطور بحسب شهادة بعض مواطنيها خالية تماما من وجود الجيش بداخلها اما الجنجويد فما زالوا يواصلون زحفهم المستمر داخل قري الجزيرة و يقومون بترويع مواطنيها العزل بقوة السلاح و يمارسون جميع انواع الانتهاكات امام مسمع و مرأي الجيش الصامت البعيد كل البعد عن المشهد و هو لا يكلف نفسه عناء الوصول لمواقع القتل و النهب و الاغتصاب ولا يسلح المواطنين المغلوبين علي امرهم الابرياء الذين يتساقطون ساعة بعد ساعة برصاص الاعداء و بالغبن و المرض و الالم و الحسرة و مرارة الظلم .

اكثر ما يثير المخاوف حول مصير المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع بما فيها ولاية الجزيرة هو تحويلها الي مناطق نفوذ الان او ربما بعد تقاسم السلطة مع الجيش كما حدث في ليبيا و قد بدا هذا السيناريو يلوح في الافق خصوصا بعد اعلان الدعم السريع تاسيس ادارة مدنية بالجزيرة حسب افادات صحيفة الشرق الاوسط بتاريخ 25مارس 2024.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى