قولا لينا ــ د. محمد بشير الامام mohamedemam.tr@gmail.com ــ قطر أيام في تركيا (2—3) ــ بعانخي برس
بعانخي برس

في صبيحة الأربعاء السادس عشر من نوفمبر للعام 2016 توجهنا مباشرة من إسطنبول الي انقرا علي متن الطائرة بعدها استغلينا البص من انقرا الي اسكي شهير التي وصلناها قبيل الغروب فوجدنا الطلاب السودانيون متاهبين لاستقبالنا بمحطة الباصات و قد أزاحوا عنا هم الترجمة و أوصلونا إلي مساكننا الطلابية و قدموا لنا كل احتياجاتنا مشكورين.
المسكن المخصص لنا كان بمنطقة تسمي قوك ميدان و ترجمتها الحرفية تعني ميدان السماء و هو بناء عملاق أشبه بالفندق خدماته ممتازة و مجانية و اكثر ما يلفت الانتباه عند مدخله كتابة تركية بالخط العريض تعني بالعربية “كلكم لادم و ادم من تراب” و جميع الطلاب من مختلف القارات داخل حرم المسكن الشامخ يتعايشون علي درجة من الانسجام كأنهم أسرة واحدة.
بعد اكتمال إجراءات تسجيلنا بجامعة الأناضول انخرطنا فورا في دراسة اللغة التركية بمركز الجامعة لفترة امتدت 8 اشهر كانت غنية بالحيوية و الصداقات و الطرائف و الرحلات و التعرف علي ثقافة البلد و من فرط دهشتها و متعتها و تفاعلنا معها أرجعتنا إلي ذكريات الصف الأول بمدارسنا الأولية حيث تعلم الحروف و الأرقام و الألوان و كتابة الواجب و تصحيحه و تمارين طلاقة اللسان و مهارات الكتابة و القراءة و حفظ العبارات و الجمل و تكرار الأمثال التركية و الحكم و الأقوال و ذات مرة أرادت المعلمة حصر اللغات التي يتكلمها الطلاب و عددنا لم يكن يتجاوز الأربعين فكانت الحصيلة 23 لغة و هذه دلالة واضحة علي تأثير استراتيجي كبير تصنعه تركيا من خلال برامجها المخصصة للطلاب الدوليين.
بعد انقضاء فترة اللغة كان الانتقال لكورسات الدكتوراة المكثفة و قد امتدت لفصلين دراسيين و جميع موادها باللغة التركية باستثناء مادة واحدة عن أخلاقيات العلم باللغة الإنجليزية و تلت فترة الكورسات مرحلة امتحان الكفاءة و هو امتحان شامل و صعب تتكون لجنته من 5 دكاترة من داخل و خارج الجامعة و مع بداية مشوار الاستعداد للامتحان المصيري في الرابع عشر من فبراير 2019 اكرمني الله بوصول حرمي المصون دكتورة صفاء التي كانت خير معين لي بعد الله سبحانه و تعالي في تكملة مسيرة الدراسة حتي استلام شهادتي في أواخر 2022 و مع تحول الحياة من الوسط الطلابي إلي محيط الأسرة تعمقت معرفتنا بالإجراءات الحكومية و الخدمية علي النظام التركي و منها مثلا خطوات استخراج الإقامة العائلية و استئجار المنازل و توصيل الكهرباء و الغاز و الأنترنت و الملاحظ أن جميع أجهزة الدولة التركية تقريبا تعتمد في معاملاتها مع الجمهور علي رقم الإقامة إضافة إلي الرقم الحكومي الذي يتم استخراجه من إدارة البريد أو( البوسطة ) بلغة أهل البلد و هي مؤسسة حيوية تقوم بأدوار مهمة و متعددة و عموما تمتلك تركيا أنظمة ربط شبكي متطورة للغاية تساعد طالبي الخدمة في كسب الوقت و الجهد و مراعاة الجودة أما بالنسبة لخصال الشعب التركي و عاداته و تقاليده و إيجابياته فهذا الجانب سأتناوله بمشيئة الله في المقال القادم كختام لسلسلة مقالات أيام في تركيا.