
مالو القلب ؟ ….ود الكلب………………..!
كثيرا ما تغنى مطربونا كبارهم وصغارهم ذاكرين القلب بجميل أو قبيح….بعضهم جعله السبب فى الم الحب…وبعضهم اشفق عليه منه…قال عميد الفن احمد المصطفى ( طار قلبى منى وقال ماهو عايد…ثم قلبى بادلنى هواه…نعيمى وقاسمنى هناه..) وقال رقيق المشاعر احمد الجابري ( انت يا قلبى المتيم كنت خالى …ثم …قلبى دة المجروح فى الحقيقة…) عندما كنت صغيرة قالت لى بنت الجيران ..الحقيقة _ اى مكان الجرح _ فى نص القلب…وقال الرائع عثمان حسين (يا قلبى لو كانت محبتو بالتمن…يكفيك هدرت
.. عمر ..حرقت عليه شباب ) أما خفيف الظل عبد العظيم حركة فقال ( القليب الراسمو حنة يبدو من قلبك احنّ) ..عطر الله ثراهم وذكراهم…..وغيرهم كثر…ولكن القلب المسكين المفترى عليه لا يعدو أن يكون عضلة صغيرة وظيفتها أن تضخ الدم لسائر الجسم …ليس إلا….
كنا طالبات بكلية التمريض العالى عندما دعونا ( هيئة حلمنتيش العليا من جامعة الخرطوم) وكلكم يعرفها أو سمع عنها…وهم شباب ينشدون شعرا فكاهيا ضاحكا…فصعد أحدهم للمسرح وانشد قائلا…
مالو القلب ؟ …
داسو القلب ؟ …
قطعوا القلب ؟
قدّو القلب ؟
ود الكلب…
.ما قلنا ما تسرح شمال…
تمشى الجنوب
وتكوس غرب…..)
كنت فى فترتى التدريبية بمستشفى الخرطوم وانا لا زلت طالبة…كنت اتدرب فى عنبر الباطنية رجال…كانت كل طالبة مسئولة عن أربعة مرضى…تشرف على علاجهم ونظافتهم وكل أحوالهم…
جئت فى أحد الأيام فى الصباح الباكر ففوجئت أن أحد مرضاى تم تحويله لمكان آخر…ووجدت مكانه شابا اسمر فى بداية الثلاثين من عمره…كان نشطا جدا يستيقظ فى السادسة والنصف صباحا…ويغتسل ويفطر ثم يخرج من العنبر كثيرا للكافتيريا…ويساعد المرضى كبار السن…لا يبدو عليه مرض أو إجهاد…الملف خاصته ليس به سوي العلامات الحيوية كالضغط والنبض والتنفس وكلها ممتازة…حتى الأطباء كانوا فى المرور يتحدثون معه همسا…كلمة ربما اثنتان ثم يذهبون…وحاولت استدراجه ليحكى عن مرضه ولكنه كان يحول دفة الكلام ببراعة شديدة…وهكذا ظل الفضول يمسك بتلابيبى…حتى بدأت امتحانات طلبة الطب….
رأيتهم ينحنون فوقه …يدقون بأصابعهم على صدره العارى..ثم يضعون سماعاتهم الطبية ليسمعوا دقات قلبه…ثم يدونون ملاحظاتهم ويسلمونها للطبيب المراقب الذى كثيرا ما رأيت ابتسامته التى هى مصبوغة بشئ من السخرية….
وانتهت الامتحانات…وفى آخر يوم بعد ذهاب الطلاب ..رأيت الشاب يجمع ملابسه استعدادا للخروج …فعرفت أن الطبيب قد سمح له بذلك…وهنا قررت أن أعرف تشخيصه باى ثمن ..فتبعته خارج العنبر و قبل أن انبس ببنت شفة قال لى ضاحكا ( عايزة تعرفى مرضى شنو ؟ انا ما عيان…! ) ثم ضحك لما رأى عيناى تكادان تقفزان من محجريهما ( انا بس يا سستر ما زى الناس…كل زول قلبو راقد شمال…انا قلبى راقد يمين……….!! ) …هنا فقط أدركت لماذا كانت ابتسامة الطبيب ساخرة…بل الآن اقول انها كانت خبيثة…!