منوعات

عفاف عدنان تكتب ….الإنداية بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

 

 

الإنداية

قبل عدة سنوات كنت أتجول فى معرض الكتاب فى الخرطوم …ثم قمت بشراء كتاب إسمو الإنداية تأليف الكاتب العظيم المرحوم (الطيب محمد الطيب ) عطر الله ثراه …

وكان الكتاب يشرح كل شىء عن الإنداية ..ولم أكن مثل كثيرين غيرى أعرف عن هذا المكان شىء …فازدت شغفا بهذا الكتاب الذى يسبر غور هذا المكان ..ولأول مرة أعرف أن له طقوس وقوانين لا تخترق …وقرأت الكتاب فى يوم واحد فقط …أى إلتهمته إلتهاما ….

بعد سنوات قليلة إلتقيت بالمؤلف وهو كما ذكرت من قبل من الذين قامت مستشفى حوادث الأطفال على أكتافهم …وكان يأتى فى مكتبنا ويدردش معنا فلمست فى شخصه المهذب دماثة الأخلاق وحب الخبر و العمل به ..علاوة على خفة الروح وسرعة البديهة .. وأخبرنا عن أنه أب لسبعة بنات وكان دائما يقول أنه سعيد بهن لأن البنات مبروكات ….

كان الكتاب يحكى عن طقوس الإنداية .. وهناك باب مخصص للشيخات ,الآئى تفتخر كل منهن بأنها أول من وفد إلى الحلة ( أنا لما جيت البحر فيهو فرد حوتة ! ) ..و هن كثيرات الشجار على الزبائن ..وكل واحدة منهن تربى كلبا (لا أدرى لماذا .) … و لكن أهم شىء أسماء الكلاب (ما يقولو ) و( فارغات ) وهى لغة المطاعنة …فتجدها تصرخ بصوت عالى على الكلب حتى لو كان بجوارها لتسمع جارتها الإسم إيااه (إياك أعنى واسمعى يا جارة ) ..

من طقوس الإنداية أنه يحدث أن يقوم واحد (فنجرى ) بشراء كل الشراب ويترك الناس يشربون على حسابه ..فى هذه الحالة تقوم (ست الإنداية ) بتنزيل الراية ..وهى علامة المحل …وكذلك لكل شيخة صبى يعمل معها ويقوم بالشجار بدلا عنها لأنها تترفع عن أن تتشاجر مع خصيمتها ..ويصل الشجار إلى حد التماسك بالأيدى ….على ما أذكر أحد هؤلاء الصبية إسمه الحركى (شاى الجمر )

وحتى رواد الإنداية من الرجال عند عودتهم إلى منازلهم يخرجون فى مجموعات ..كل منهم يحمل (عكازه ) وهو أيضا ( العكاز) له إسم ..( سجم اللاقونا ) و ( خوة فرتق ) …

عندما التقيت الأستاذ الطيب سألته كيف عرف كل هذه الأشياء عن الإنداية ؟ فقال أنه مكث فى الإنداية شهرا كاملا صباح ومساء بل كان يمضى الليل بطوله هناك …ويصطحب السكارى عند عودتهم حتى لا تفوته شاردة أو واردة …

بعد فترة قصيرة لاحظت غيابه فسألت عنه وعرفت أنه بمستشفى الصدر إثر أزمة قلبية ..فذهبت لزيارته …وفوجئت بأن الطبيبة المشرفة عليه هى شقيقتى (آمال ) واندهش هو لما علم أننا شقيقات …فقام بإهداءنا نسختين من كتاب ألفه مؤخرا إسمه ( الشيخ فرح ود تكتوك حلال المشبوك ) ..

ألا رحم الله هؤلاء الذين أضافوا لحياتنا طعما ولونوها بمشرق الألوان ..وعندما غابو لم نسمع بأنه تم تكريمهم ..أو تأبينهم أو أطلقت أسماؤهم على أحد الشوارع …بمناسبة الشوارع …عبيد ختم دة منو ؟؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى