راي

شيء للوطن ــ م.صلاح غريبة – مصر Ghariba2013@gmail.com ــ إعادة بناء الأمل: السودان ركيزة العدالة التعويضية في أفريقيا ــ بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

 

تحتضن القاهرة، في الفترة من 17 وحتى 23 من نوفمبر الجاري، فعاليات النسخة الخامسة لأسبوع الاتحاد الأفريقي للتوعية بإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات، تحت شعار محوري هو: “إعادة بناء الحياة بعد النزاع من خلال العدالة التعويضية”. هذا العنوان ليس مجرد شعار، بل هو بوصلة إنسانية وقانونية تشير إلى الطريق الصحيح للتعافي المستدام في قارتنا الأفريقية.
إن إعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات ليست مجرد عملية هندسية لإصلاح المباني والبنية التحتية، بل هي عملية أعمق بكثير، تهدف إلى إصلاح النسيج الاجتماعي، وتعويض الضحايا، واستعادة الكرامة والحياة الطبيعية. هنا تكمن القوة الدافعة لمفهوم “العدالة التعويضية”؛ حيث تتجاوز العقاب لتركز على جبر الضرر الواقع على الأفراد والمجتمعات التي عانت من ويلات الحرب والانتهاكات الجسيمة.
في خضم هذه النقاشات الأفريقية الرائدة، يبرز اسم السودان كدولة تتصدر قائمة الدول التي تحتاج إلى هذا الاهتمام الإقليمي والدولي العاجل. إن الظروف القاسية التي مر بها السودان جراء الحرب الأخيرة والانتهاكات المروعة التي صاحبتها، تتطلب تضافر الجهود لضمان عدم ترك الشعب السوداني وحيداً في مواجهة تركة الدمار والخراب.
إن المشاركة الفعّالة والتفاعل العميق من قبل الفاعلين السودانيين – حالما تسمح الظروف – في فعاليات ومخرجات هذا الأسبوع الأفريقي ليست مجرد حضور بروتوكولي، بل هي ضرورة قصوى لضمان أن تكون خطط الإعمار والتنمية موجهة بالاحتياجات الحقيقية للضحايا والمتضررين. يجب أن يكون هناك تركيز خاص واهتمام استثنائي بإعادة إعمار المدن والبنية التحتية والمؤسسات، والأهم من ذلك، إعادة بناء الثقة المنهارة بين مكونات المجتمع. يجب أن يتم دمج آليات العدالة التعويضية ضمن أي خطة انتقالية أو استقرار مستقبلي لتمكين الضحايا من استرداد حقوقهم وشيء من حياتهم التي سُلبت.
لا يمكن للسودان أن ينهض من هذه الكبوة ويسير بخطى ثابتة نحو التعافي المستدام بمعزل عن محيطه القاري. وهنا تكمن النقطة الأهم: ضرورة إلغاء قرار تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي وإعادته فوراً إلى رحاب الاتحاد الأفريقي.
لقد اتخذ الاتحاد الأفريقي هذا القرار في سياقات سابقة، ولكن في ظل الأزمة الإنسانية والسياسية والأمنية الراهنة، فإن تجميد العضوية يمثل عقوبة مضاعفة لا تقع على عاتق الكيانات السياسية فحسب، بل تحرم الشعب السوداني من الدعم الفني والسياسي والاقتصادي الذي يوفره الاتحاد في أوقات الأزمات، و سياسياً فإن عودة السودان تُمكن الاتحاد من ممارسة دوره الحيوي كوسيط ومُسهّل للسلام والاستقرار الداخلي، وتضمن انخراط الأطراف السودانية تحت مظلة قارية موحدة، وإنسانياً وتنموياً، تُمكّن العودة من تدفق الدعم المالي والخبرات المتعلقة بأجندة “إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات” التي يُعقد لأجلها هذا الأسبوع الهام في القاهرة.
إن أسبوع التوعية بإعادة الإعمار يذكرنا بأن مهمة بناء المستقبل الأفريقي هي مسؤولية جماعية. على الاتحاد الأفريقي أن يمد يده بقرار شجاع لإلغاء التجميد، مع وضع خارطة طريق واضحة تركز على وقف الانتهاكات، وحماية المدنيين، وفتح الباب أمام عملية سياسية شاملة وموثوقة.
إن إعادة بناء الحياة في السودان من خلال العدالة التعويضية هي اختبار حقيقي لإرادة القارة الأفريقية نحو تحقيق السلم والأمن. دعونا نعيد السودان إلى بيته القاري ليشارك في بناء غده وإعادة بناء كرامة شعبه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى