راي

*شاهيناز القرشي تكتب ..**هجوم إسرائيل على إيران وموقف السودان* ــ بعانخي برس

بعانخي برس

 

 

 

*شاهيناز القرشي*

هكذا تقود أمريكا إيران للتفاوض، وهكذا تتصرف عندما تريد أن تحسم أمرًا ما. وقبل أن ندخل في الحديث عن تطورات الأحداث، دعوني أعتبر ذلك مؤشرًا على عدم جدية أمريكا في فرض التفاوض على طرفي الحرب في السودان. لو كان ذلك مهمًا، لسعت لإخضاع أحد الأطراف بالقوة.

ارتفعت المؤشرات في الأيام السابقة لتدل على هذا التحرك الإسرائيلي الخطير. وعندما قال ترامب “لا أقول أن الهجوم وشيك، ولكنه محتمل” وذلك قبل ساعات من هذا الهجوم، تأكد لي أن الهجوم سيكون قريبًا جدًا، وأن مرحلة التهديدات والكلام قد انتهت.

جاء الهجوم الإسرائيلي مرتّبًا، حيث بدأوا بضرب أماكن تواجد القادة العسكريين المستهدفين والعلماء النوويين، وقتلت رئيس هيئة الأركان وقائد الحرس الثوري وعددًا من العسكريين. وتقول إسرائيل أنها قتلت عشرة علماء نوويين، وإيران اعترفت باثنين فقط. وكانت تلك أول خطوة حتى لا يتحركوا من أماكنهم مع أول ضربة بحكم وظائفهم.

تلا ذلك هجوم على الصواريخ البالستية التي تتواجد في مدينة كرمنشاه، والتي استخدمتها إيران في إطلاق الصواريخ على إسرائيل في عملية “الوعد الصادق”. وبعدها تم استهداف نطنز، وهي منشأة يوجد فيها أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم. وتتميز نطنز بوجودها على عمق ثمانمئة متر تحت الأرض، وليس من السهل تدميرها أو اختراقها. وقد أعلنت إيران أنه لا يوجد أي تسرب إشعاعي حتى الآن منها.

ذلك ونحن لا نزال في أول ساعات هذا الهجوم، هنالك سؤال: كيف استطاعت إسرائيل اختراق إيران بهذا الشكل، بحيث وصلت حتى غرف نوم هؤلاء القادة واغتالتهم في مواقعهم، وظلت الدفاعات الأرضية الإيرانية في سبات عميق ولم تنطلق إلا بعد الموجة الثالثة من الضربات؟

توجد عدة افتراضات عن وجود عملاء للموساد على الأرض وهم من نفذوا هذه الاغتيالات بالتزامن مع الضربات الجوية. وكذلك هنالك تحليل عسكري يقول أن إسرائيل اخترقت الشبكة الإيرانية العسكرية قبل عدة أيام وسيطرت عليها تمامًا، وضخت فيها معلومات كاذبة. ولحظة الهجوم، تم حجب الهجوم عن الرادارات والمستشعرات الإيرانية، مما أصاب الدفاعات الإيرانية بالعمى التام.

الموقف الأمريكي حتى الآن يدعي الحياد وعدم التدخل، مع أن الكثيرين يستبعدون أن يكون هذا الحياد حقيقيًا. حتى أن بعض المسؤولين الإيرانيين قالوا “إسرائيل وأمريكا سيدفعون الثمن غاليًا”. ولكن يظل هذا الموقف، حتى وإن كان غير حقيقي بشكل كامل، فهو من مصلحة إيران. فمن الأفضل أن تحصر معركتها مع إسرائيل من أن تدفع أمريكا للتدخل بوجه سافر.

مع أن من المتوقع أن تتدخل أمريكا بذات الوجه السافر إذا حاولت إيران الأخذ بثأرها من إسرائيل ورد الضربة بمثلها. بل كثيرون يعتقدون أن إسرائيل تريد من إيران ضربها حتى تدفع أمريكا للتدخل عسكريًا لضرب إيران. وهنا يحضرني تصريح لأحد المتحدثين الإسرائيليين حيث قال “بمساعدة أمريكا سنقضي على المشروع النووي الإيراني للأبد، أما بضربات إسرائيل لوحدها سنعطل المشروع لعدة سنوات فقط”.

بالنسبة للسودان، يجب أن يستخدم لغة دبلوماسية محايدة، حتى وإن أدان الهجوم الإسرائيلي يجب أن تكون إدانة بلغة دبلوماسية يعقبها صمت مطبق. ويجب ألا يتبنى الإعلام المدفوع من الحركة الإسلامية لغة عدائية وتصعيدية تجاه إسرائيل، لأن هذه الحرب لم تصل لمستقرها حتى الآن وغير معلومة الاتجاهات. سيكون الرد الإيراني هو الفيصل لمعرفة مستقبلها، هل هي ضربات أم حرب؟ هل سترد إيران ردًا حقيقيًا مؤلمًا كما توعدت، أم ستكتفي بضربات حفظ ماء الوجه كما حدث في المرتين السابقتين؟

يتلقى الجيش السوداني دعمًا عسكريًا إيرانيًا، ربما يفرض عليه الإدانة. ولكن من الأفضل له أن يخسر الدعم الإيراني على أن يُعتبر ذراعًا إيرانيًا ويُعامل معاملة الحوثي وحزب الله. وموقع بورتسودان، القادر على تهديد العمق الإسرائيلي، سيضع السودان تحت المجهر والمدفع، مما قد يعرضه لعواقب وخيمة في المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى