
*شاهيناز القرشي*
سؤال يطرح دائماً إذا كانت الانقاذ فاشلة اقتصادياً لماذا شهد السودان في عهدهم طفرة اقتصادية ؟
ربما تظن أن السبب هو البترول ولكن هذا غير حقيقي ولا واقعي ، لم ينعكس عائد البترول في حياة الشعب السوداني وظل مستوى الخدمات التي تقدمها المؤسسات العامة هو نفسه بل اسوأ من عهود سبقت، إلا إذا كان بمقابل عالي مثلاُ في المستشفيات الحكومية اصبح الموطن يشتري كل شيء حتى الشاش والدربات في الحواداث، بينما ازدادت وانتشرت المستشفيات الخاصة، و تراجعت جودة التعليم ولكن زاد عدد المدارس والتي الزمت اولياء الامور بدفع مبالغ سنوية ليست بالسهلة إذن التعليم لم يكن مجاني على عكس مايقال ، ولم تتدخل الدولة لايقاف هذا التجاوز المخالف للقانون وتعامت عنه، وكذلك التعليم الجامعي أصبح اكثر انتشار واقل جودة واغلى ثمناً وانتشرت المدارس والجامعات الخاصة، الكهرباء والماء والنفايات والاتصالات اصبحوا قطاع ربحي عالي الدخل للحكومة، المواصلات حدث ولا حرج ، وتركزت هذه الخدمات في العاصمة مما حمل نصف سكان السودان للسكن فيها اوحولها في شكل عشوائيات، وخير شاهد على ذلك عندما اشتعلت الحرب لم يجد الشعب السوداني في المدن الامنه خدمات تسد حوجته، فهل ذهبت اموال البترول لجيوب الشعب بشكل مباشر ليستطيعوا أن يصرفوا على هذه الخدمات غالية الثمن والتي لا تقدم مجاني؟ هل قدمت حكومة الانقاذ دعم مالي للاسر؟ الاجابة لا ، فالموظفين الحكوميين رواتبهم لاتكفي لاول عشرة ايام مالم تكن كوز فاسد او موظف مرتشي لن تستطيع أن تعيش براتب الموظف العادي، ويبقى السؤال كيف حدث هذا النمو الظاهر ؟
يكمن السر في المغتربين الذين زادت اعدادهم بدرجة رهيبة بعد وصول الانقاذ، التي شردت الاف الموظفين من معيلين الاسر في اول خمسة سنين واحالتهم إلى الصالح العام، واغلقت سوق العمل على من ينتمي لهم او له القدرة على مجاراتهم ، فاصبح من النادر جداً أن يخلو بيت سوداني من مغترب يرسل مبالغ بالنقد الاجنبي يعين هذه الاسر على شراء الخدمات التي انشأتها حكومة الانقاذ باموال الشعب وجعلتها كقطاع خاص يدر الملايين لجيبوهم ، رفع هؤلاء المغتربين القدرة الشرائية لاسرهم فاصبحوا قادرين على ادخال ابناءهم للمدارس الخاصة والجامعات واشغال المطاعم والمتاجر وشكلوا طبقة متوسطة على اسس جديدة، مما مكن الكيزان اكثر فتوسعوا في الاستثمارات وبنوا الابراج والشركات من مال الشعب الذي لم يعود للشعب، بل إلى جيوبهم واصبح الشعب مصدر دخلي اضافي ومستهلك لديه مصدر دخل خارجي يمكنه من شراء الخدمات و الرفاهيات ولا يكلف الدولة شيء.
كل المشاريع الحكومية الكبيرة كسد مروي ، وشريان الشمال ،وتوسعة سد سنار بل الكثير من المباني وسط الخرطوم ممولة بالدين الخارجي وحتى هذه لم تسدها حكومة الانقاذ واصبحت ديون متراكمة على ظهر الشعب ، مافعلته الانقاذ لم يكن نمو للدولة بل نمو لجيوبهم، وتعاملوا مع المواطن كمصدر دخل، المغتربين لم يساهموا في اثراء الحكومة فقط بل ساهموا في توسيع السوق الخاصة، فاصبح كل قادر على فتح استثمار يمكنه أن يجد من يشتري خدمته، كلمة السر كانت المغتربين وحدهم الذين بلغ عددهم عشرة مليون مغترب، بما يعادل ربع سكان السودان إذا كان في العشرة مليون هنالك خمسة مليون يعملون ويرسلون مبالغ للسودان يعني أن من كل ثمانية مواطنين هنالك فرد يرسل نقد اجنبي للسودان ليعيل اسرة في الغالب لا تقل عن خمسة من هؤلاء السبعة المتبقيين.
بلغ بهم التخلي عن مسؤلياتهم تجاه المواطن أن خصخصوا حتى الجيش وصنعوا الدعم السريع ومنحوه جبل ذهب واطلقوا يد قادته، وطبقوا معه نكتة الديك القديمة وتعالوا نحكيها بالدارجي( واحد راكب بص ومعه ديك جاي من بورتسودان للخرطوم كل مايقيف في نقطة تفتيش يسالوا بتاكل الديك دا شنو؟ اول تفتيش قال باكلوا ذره، قالوا لي تدفع عشرة الف ،تاني تفتيش قال قمح دفعوا عشرين ،تالت تفتيش العسكري سأله بتاكل الديك شنو؟ قال له بدي القروش يمشي السوق ياكل براه سعادتك)