
قبل المقال: «الآن وصلنا إلى النقطة التي دعونا للتفاوض قبل أن نصلها وقلنا: أوقفوا الحرب».
السؤال الذي يجب أن يُطرح في هذا اليوم: ماذا بعد سقوط الفاشر ولماذا؟
بعد سقوط الفاشر في يد ميليشيا الدعم السريع تقريباً، اكتملت السيطرة على إقليم دارفور ولم يتبقَّ إلا بؤرة معزولة يسيطر عليها الجيش والحركات المسلحة، ومناطق سيطرة عبد الواحد خارج الحسابات. ولنجيب على سؤال: ماذا بعد الفاشر؟ يجب أن نتذكر الهدف الرئيسي للدولة المتهمة بدعم الميليشيا — هل كان هدفها في دارفور أم في بورتسودان؟ بالتأكيد الإجابة: الهدف الرئيسي هو السيطرة على الميناء بالإضافة إلى الموارد. وتأتي أهمية الميناء قبل الموارد في خطة الإمارات، وذلك في ظل خطتها الكبيرة للسيطرة على موانئ البحر الأحمر ككل. والموارد يمكن إيجادها في كثير من مناطق العالم والحصول عليها بطرق أبسط؛ حتى داخل السودان تستطيع الدولة المعادية أن تستثمر بالوكالة كما فعلت إسرائيل عندما سيطرت على منتجات الفشقة من الصمغ العربي عن طريق الإثيوبيين. ولكن الميناء والسواحل السودانية لا يمكن السيطرة عليهما إلا بعد السيطرة على كل السودان، وهذه هي المعادلة التي ستجبر الميليشيا على مواصلة القتال لتحقيق هدف الداعم الذي قدَّم الكثير من الأموال للوصول لهذا الهدف. فدارفور، أو دولة الدعم السريع في غرب السودان، هي خطوة في اتجاه الهدف.
بعد السيطرة على الفاشر أصبح الإقليم الذي ينفتح على أربع دول (ليبيا، تشاد، جمهورية إفريقيا الوسطى، جنوب السودان) قادراً على تأمين احتياجاته براً وجواً، وستشكل الأسلحة التي تزودهم بها الإمارات حائط صد أمام مهاجمة الجيش للطرق البرية أو المطارات التي تنقل الموارد خصوصاً الذهب وتستورد الأسلحة وغيرها من السلع الضرورية. فبالإضافة إلى منظومات التشويش، ستكون الميليشيا قادرة على رد الضربة بمثلها: مطار بمطار، وطريق بميناء، وارتكاز بمحطة كهرباء، ومستشفى بمستشفى.
إذن ستستمر المعارك ولكن بواقع مختلف؛ فقد كنت تحارب ميليشيا مقطعة الأوصال، مفصولة عن حواضنها، ليس لديها طريق إمداد آمن ومؤمَّن. الآن أنت تحارب شبه دولة قادرة على التخزين وتوفير مناطق العلاج للمصابين والتصدير بشكل آمن. وهنا ستبرز نقطة تعويض الذهب الذي فقدته الإمارات بعد توقف التصدير الرسمي.
إذن لم يعد هناك خيار إلا الحرب للمواطن السوداني، لأن الميليشيا وصلت إلى المرحلة التي يتساوى فيها التفاوض أو اللا تفاوض، ولديها أمل كبير في التمدد وتحقيق التفوق حتى وإن لم تستطع تحقيق الانتصار. لذلك يجب تفعيل التعبئة العامة والانتقال إلى الجبهات المتقدمة حتى لا تكون المقاومة الشعبية في جزر معزولة وتُعاد نفس سيناريوهات ود النورة والتكينة والفاشر.
هنالك فاعلون في مجال الاستنفار هم الحركات المسلحة والكيزان ودرع البطانة، وهؤلاء لديهم أهدافهم وأطماعهم السياسية وخلافاتهم واتهاماتهم المتبادلة، التي تسيطر على الإعلام في كثير من الأحيان وتصنع شرخاً يهدد بتصدع هذا المعسكر بشكل خطير، مما يهدد ما تبقّى من الوطن. لذلك على كل من يعلن الاستنفار أن يرفض كل هذه الخطابات، وليكن جندياً للوطن فقط يتبع جيشاً يدافع ويحمي ويوقِف تمددَ تتار العصر.





